3. "وقالوا أساطير الأولين إكتتبها .. ": يقول الأخ الشاعر:"فهذا دليل أنه كتبها بنفسه. وهذا استدلال مردود لأن اكتتبها لا تعني كتبها، وإنما تعني فيما تعني طلب كتابتها. والغريب أنه يستدل بافتراءات المشركين، وهذا يقود إلى القول بأن القرآن أساطير لأنهم قالوا ذلك. وهذا من أعجب العجب في الاستدلال.
4."رسول من الله يتلو صحفاً مطهرة .. "، أيضاً يعتبر أن هذه الآية تدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقرأ ويكتب. ويرد هذا أمور: أولاً: لم يجمع أهل التفسير على أن المقصود هنا هو محمد عليه السلام، بل هناك من قال إنه جبريل عليه السلام. ثانياً: معنى الآية أن البينة هي رسول من الله معه صحف يكرر تلاوتها. والتلاوة هي إعادة الكلام من غير زيادة أو نقصان. ومعلوم أن المقصود بالصحف هو الكلام المدون فيها، وقد كان الرسول عليه السلام حريصا على تدوينها في صحف فكان يتلو ويدونها الكتبة في الصحف. ومن هنا هو قرآن لأنه مقروء وكتاب لأنه أيضاً مكتوب في الصحف. وعليه فالبينة الملزمة لأهل الكتب هو رسول يتلو وتكون له صحف. ولو قال سبحانه" يتلو من صحف" لكان المعنى يتلو آخذاً من صحف.
5. يقول الأخ الشاعر:"فإن لفظ الكتاب ظاهر فيما كان له وجود واحد جمعي، ولا يطلق على المكتوب إذا كان مجزءاً غير مجتمع .. " وهذا تحكم لا أصل له في اللغة، بل يطلق الكتاب على كل ما يكتب. ولو أكمل الآية التي استشهد بها:" رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة.
6.يستشهد الأخ الشاعر بقول ابن عباس:"ما ترك إلا ما بين الدفتين" على أن القرآن كان في عهد الرسول عليه السلام بين دفتين. وهذا أيضاً عجيب لأن ابن عباس سئل عن ذلك بعد وفاة الرسول وبعد جمع القرآن، لأنه كان عند الجمع فتى، فأجابهم أن ما بين الدفتين هو الذي تركه الرسول عليه السلام وليس هناك غيره.
7. يستشهد الأخ الشاعر بروايات فيها أن الرسول كتب فيفهم منها أنه كان يكتب. ولإيضاح هذه نقول: عندما نقول كتب عمر إلى عامله في البصرة لا يعني أنه كتب بنفسه وإنما الأوامر التي كتبت هي منه. وعندما كتب عمر لأهل القدس عهداً لا يعني ذلك أنه كتبه بيده وإنما أمر به فكتب. وهذا بدهي في اللغة ولكن الرغبة الشديدة في اثبات الرأي تجعل الإنسان يذهل عن البدهيات. فعندما طلب الرسول عليه السلام من الصحابة أن يأتوا بالدواة ليكتب لهم كتابا لا يضلوا بعده فهم منه الأخ الشاعر أن الرسول سيكتب بيده واعتبر ذلك دليلاً في مقابل النصوص الصريحة في أنه عليه السلام لم يكن يقرأ ولم يكن يكتب.
8. أما صلح الحديبية فيستدل بكون الرسول عليه السلام قام بنفسه بمحي الكلام الذي اعترضت عليه قريش. ولكنه لم يأت براوية مسلم التي تصرح بأنه لم يكن يقرأ حيث قال عليه السلام لعلي:" أرني مكانها" فأراه علي مكانها فمحاها رسول الله.
9. يصرح الأخ الشاعر أنه بقي متحيراً حتى وجد الإجابة المقنعه عند الباحث الشيعي نبيل الكرخي الذي أزال حيرته عندما قال إن أبا بكر قد جمع المصحف لأغراض سياسية وليس لأن القرآن غير مجموع. وأنه أراد أن يكون له مصحف مجموع كباقي الصحابة.
ويستدل على ذلك بأن أبا بكر أبقى النسخة لديه.
واضح أن الأخ الشاعر قد تأثر في كتاباته ببعض الكتاب الشيعة الذين لديهم عقائد زائغة يسعون إلى تأييدها بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة بالصدق أو بالكذب. وعليه لا يجوز تصديقهم في بدعتهم لأنهم لا يبحثون عن الحقيقة بل يسعون سعي الطفل إلى شهوته.
معلوم أن هم أبي بكر كان تدوين المصحف رسمياً آخذاً فقط من الصحف التي كتبت من قبل كتاب الوحي بإشراف الرسول عليه السلام. وعندما نعلم أن اقتراح عمر رضي الله عنه بجمع المصحف كان بعد معركة اليمامة، وعندما نعلم أن الجمع تم على مدى عام، وعندما نعلم أنّ أبا بكر حكم لمدة سنتين فقط، ندرك أنه لم يتح له الوقت للنسخ بعد الجمع، فأكمل عثمان رضي الله عنه ذلك.
وأخيراً أقدم نصيحتي للأخ عمرو الشاعر أن يعيد النظر في الأخذ عن الشيعة الذين يحقدون على صحابة ويقولون بمشرِّعين بعد رسول الله، ويفسرون القرآن بأهوائهم، ولا يهمهم السند، ويغلب على رواياتهم الكذب.
ـ[أبو أنس الغامدي]ــــــــ[29 عز وجلec 2008, 07:05 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاء
لقد كفيتم ووفيتم، وما أجمل النقاش العلمي الذي يثري مثل هذه المنتديات العلمية.
رعاكم الله
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[29 عز وجلec 2008, 09:27 ص]ـ
بارك الله في الأخ أبي عمرو البيراوي, ولكن لي استفسار:
هل تلمح بقولك: "الأخ الشاعر" إلى أنني شاعر, والشعراء يتبعهم الغاون؟ -ابتسامة! -
أو إلى أن كلامي مجرد استشعار لا يستند إلى أدلة؟! -ابتسامة! -
يكفينا فقط أن أسأل:
ماذا تفهم ويفهم أي إنسان من قولي: ما كنت تعرف القراءة ولا الكتابة قبل دخولك المدرسة؟ " أعتقد أنه مما لا مراء فيه أنه تعني أني لم أكن أعرف القراءة ولا الكتابة قبل دخول المدرسة ثم عرفتها بعد دخولي المدرسة! فما الفارق بينها وبين قوله تعالى: "وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك",
أما قولك "اكتتبها" بمعنى طلب كتابتها فبعيد جدا, لأنه يُستعمل لهذا المعنى صيغة استفعل "استكتب", فهل اختلق الشيء بمعنى أنه طلب إلى غيره فعله؟ وقس ذلك على باقي الأفعال!
أما استدلالنا بقول المشركين فلأنهم رأوا أن الرسول كان يكتبها, وهذا ما لم يكذبهم القرآن فيها, وإنما اعترض على جعلها أساطير -بمعنى المسطورات وليس بالمعنى السائد حاليا, أي أن محمدا أخذها من كتابات الأقدمين! - فقال أن الله هو الذي أنزلها وليس مأخوذة من أحد!
وختاما فإن الاختلاف في الفهم يعطينا الحق في الاستدلال!
¥