لم يقل سقفا هنا بخلاف بعض الآيات، و الله أعلم بقصده، لأنه يتحدى أصحاب المهارات و الحسابات و الإحصاءات .. و يتحدى الملمين بعلوم الحساب بأصنافها بما فيها علم العدد الذي يبحث في جزء منه في الكميات و القياسات .. و علم الهندسة الذي يبحث في الأشكال .. و البناء إذا رجعنا لعلم الجبر العام نجده أجل ما يبحث فيه .. ثم علوم الماء و ما يتصل به من تحولات كيميائية لكون الإخراج يأتي بحدوث تلك التحولات و العمليات .. و لم يكن أحد يلم بذلك .. ثم علم الثمار و ما يتصل به من علوم النبات .. و علم الأرزاق و ما يتصل به من علم التصرف و إصلاح المال و التجارة .. و غيرها .. فانظر هذه الأسرار العظيمة .. كيف نشأت .. فإن كانت هذه هي أصول علوم الإنسان وفروعها، المتصلة بحياته، و عقله .. فإن الله تعالى تحدى هذا الإنسان بكل علومه إن هو لم يدرك عظمة الله تعالى و لم يقر بوحدانيته، و لم يؤمن برسالته، أن يأتي بسورة من مثل كتابه الذي أنزل ..
فالإعجاز العددي، كما هو واضح، موجود في القرآن بلا ريب .. و مبثوث في كل القرآن .. و علينا أن نستخرج درره و لطائفه ..
فإن قيل لنا أن بعض من كتب في هذا الباب أخطأ حد أنه جهل و فتن، قلنا فأين أنتم لم تصلحوه؟ ..
و ليس الإصلاح، هنا، أن نصده و نصد غيره، بأن نوصد الباب فنصد عنها من أراد و لوج الحق، و لا أن نفتحها فيدخلها المتنطعون الذين يفسدون و لا يصلحون، و لكن لتكن لدينا القدرة و العلم على أن نسلم المفتاح لأهله فيفتحون و يلجون .. فإنه هكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يفعلون ..
و ليذكر أحدكم كلام ابن عباس رضي الله عنه للخوارج، حين قالوا ما قالوا عن علي عندما رضي بالتحكيم، فقالوا إنه حكم الناس في كتاب الله، وقالوا: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ .. و قالوا إذا لم يكن هو أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين .. قال لهم، ما معناه، و لا تحضرني الرواية الآن: أأراكم إذا بينت لكم صواب فعله من كتاب الله و من فعل رسوله ترجعون .. قالوا نعم: قال فإن الله تعالى حكم في كتابه أقواما، أما تقرؤون: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا،
ثم تلى عليهم قوله تعالى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ .. ثم قال لهم أما تذكرون الحديبة لما قال النبي صلى الله عليه و سلم لعلي اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال له المشرك، أما الرحمن فلا أعرفها .. فقال صلى الله عليه و سلم: اكتب بسمك اللهم .. هذا ما اتفق عليه محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم و ... فقال المشرك .. لو كنت أؤمن أنك رسول الله ما قاتلتك و لكن اكتب هذا ما اتفق عليه محمد ابن عبد الله، فقال لعلي امحها، فلم يرض لنفسه أن يمحها .. فقال ضع عليها اصبعي فوضع علي كرم الله وجهه اصبع رسول الله على كلمة رسول الله فمحاها و قال اكتب يا علي: هذا ما اتفق عليه محمد ابن عبد الله .. أو كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم .. و في رواية أنه قال لعلي: و لعلك تضطر لمثلها يا علي .. فهل فينا مثل ابن عباس فيرشد أمثال هؤلاء بكلمات .. لا بلكمات ..
ثم إن خطأ بعض من تحمل أن يكون متحدثا في هذا العلم و تعديهم على دقائق العقيدة .. و ادعاؤهم الباطل بعلم ما لا يعلم و معرفة ما غيبه الله على خلقه .. لا يجعل كل متحدث في هذا العلم على هذا النحو و إن جاز أن يحمل هذا العيب .. فجواز ذلك لا يعني وقوعه ..
¥