ـ[ صلى الله عليه وسلمmara] ــــــــ[03 Feb 2009, 12:32 م]ـ

حول الإعجاز العددي في القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم

و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما

و بعد،

السادة العلماء ..

يشهد الله على صدق محبتي لكم، و شوقي لنصحكم، حبا في الله تعالى، و حدا يعلمه وحده جل في علاه،

و إنكم ممن نصح فأصلح و وعظ فأفلح، و نرجو أن نكون ممن أخذ النصيحة فعمل بها و لم يهملها، و أنتم أهل العلم، و نحن طالبوه، و لكم الدراية و لنا من الله ثم منكم طلبتها، و هي حقنا منكم و عليكم، لا تكتمونا مما علمكم الله شيئا، و لا نكتمكم، لأنه من كتم علما ألجمه الله بما تعلمون يوم القيامة، إن تكلمتم تكلمتم بفقه ما تلفظون، و إن تكلمنا فلعل روعة المنطق تأخذنا إلى بعيد ..

و لعلكم تجدون فينا، لحماستنا، بعض الغلظة .. أو تنكرون منا سوء الأدب فيما نطلب منكم .. و إنما طلبناه بحق الله فيكم، فإن لم نراع حق الله فيكم، فراعوه فينا فلعلكم أقرب إلى الله منا، و أكثر معرفة بأوامره، و أشد التزاما بأحكامه ...

و أعلم أن فينا الحماسة، و فيكم الكياسة، و يحسن من حماستنا كياستكم .. و فينا الظن، و بين أيديكم اليقين، و يقوم اليقين الذي عندكم الظن الذي عندنا .. و لعلنا تأخذنا النفس و أهواؤها، و يأخذكم القرآن، فلا تنسونا من صالح دعائكم، و رقيق صبركم، و إني أراكم أشد على المصابرة، فصابروا فينا لوجه الله تعالى أثابنا و أثابكم الله، و جمعنا بكم في عليين ...

أقول و بالله التوفيق .. إن الكلام عن الإعجاز العددي في القرآن لا يخص فقط أهل العلم في الشريعة و لكنه يخص أيضا أهل المنطق و المتخصصين في علوم الرياضيات و فنون الهندسة و العلوم الرقمية كالمعلوماتية و علم اللوغاريتمات و صنوف التكنولوجيات الحديثة ... لأن التحدي بالعدد لا يواجه به أهل الشريعة مباشرة و إن ووجهوا به ضمنا، و لكن يواجه به أهل الدراية بعلم العدد .. أما اعتمادنا عليكم أهل العلم بالشريعة، فكما تعلمون، ليس في النظر في دقة المعلومة العددية و لا في حسابها و حكمها و قدرها و منطقها، لأن ذلك الأمر مخول لأهل الفن، إنما اعتمادنا عليكم، و الاعتماد على الله أولا، في معرفة استنادها الشرعي و دلالاتها حتى لا يقال في كتاب الله ما ليس فيه .. و لا يحمل الحق الذي يحويه القرآن على الظن الذي يحمله الاستقراء و الملاحظات العقلية ..

و إني أعلم أن التحدي بالعدد، كما بغيره من صنوف العلوم و الفنون، قد وضحه الله تعالى و لا مجال للنقاش فيه، لأن الله تعالى تحدى البشر جميعهم في قوله تعالى، في سورة البقرة:

وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23)

فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)

و إنما قلنا ذلك لأن ما يسبق هذين الآيتين يدل عليه، و هو قوله تعالى:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)

فالكلام موجه للناس بعمومهم .. و ألطف من ذلك أن الناظر في الآيتين الأخيرتين ير أنهما أشارتا إلى جميع أصناف العلوم، من الخلق و ما يتصل به .. كعلم الأحياء و البيولوجيا، إلى التاريخ و ما يتصل به من دراسة الأمم السابقة و الاعتبار بها .. إلى الأرض و ما يتصل بها، من علم ما فيها من الكائنات و ما بها من طبقات، و ما على سطحها من أنهار و من تراب و ما فيها من زلزل و براكين و إلا فلماذا قال تعالى: فراشا؟ .. إلى السماء و ما يتصل بها من علوم الفضاء و علوم الفلك و السواقط (كالمطر و البرق و الرعد) .. إلى البناء و ما يتصل به من علم العدد و الحساب و الأطوال و الأشكال و الإحصاء و الاحتمالات .. لأن الناظر في بناء الأمم التي أشار إليها أول الآية قد تساقط و اندثر فمال هذا البناء باق على حاله و لا أحد يرممه إن لم يكن وراءه خالق؟ .. و إنما قال بناء و

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015