1 - أن التدبر لا يكون إلا بعد معرفة التفسير الصحيح للآية كما سيأتي في النتائج.

2 - أن التفسير في عمل المفسرين يشمل التدبر، فكتب التفسير مشتملة على الكثير من تدبر القرآن والحث عليه وذكر ثمرات لتدبر آيات من القرآن الكريم.

3 - أن التدبر من أكبر مقاصد التفسير، وذلك لأن كثيراً من آياتٍ القرآن الكريم هي آيات عظة وعبرة، وبيان تلك العبر والعظات هي من التفسير قطعاً، لكونها بيان المراد من هذه الآيات.

4 - أن المقصود الأصلي للتفسير هو بيان معاني كلام الله تعالى، ومقصود التدبر هو الاتعاظ والاعتبار.

المبحث السادس

(أهم النتائج من البحث)

وبعد النظر في كلام المفسرين وفي الآيات الواردة في التدبر يمكن لنا أن نخلص إلى النتائج التالية:

1 - أن التدبر لا يكون إلا بالتأمل:

يقول الزمخشري: " تدبُّر الأمر: تأمُّله والنظر في أدباره وما يؤول إليه في عاقبته ومنتهاه، ثم استعمل في كل تأمل؛ فمعنى تدبر القرآن: تأمل معانيه وتبصر ما فيه" (71).

وقال البيضاوي: " (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) يتأملون في معانيه" (72).

وقال البقاعي: " (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ) أي يتأملون " (73).

وقال الشوكاني: " يقال تدبرت الشيء: تفكرت في عاقبته وتأملته، ثم استعمل في كل تأمل" (74).

ويقول الآلوسي: " وأصل التدبر: التأمل في أدبار الأمور وعواقبها، ثم استعمل في كل تأمل، سواء كان نظراً في حقيقة الشيء وأجزائه، أو سوابقه وأسبابه، أو لواحقه وأعقابه" (75).

2 - أن محل التأمل هو مدلولات الآيات:

قال البغوي: " (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا) أي: يتدبروا، (الْقَوْلَ) يعني: ما جاءهم من القول وهو القرآن، فيعرفوا ما فيه من الدلالات على صدق محمد صلى الله عليه وسلم" (76).

وقال ابن عاشور: " فمعنى (يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) يتأمّلون دلالته" (77).

3 - أن غاية التدبر هي الهداية والاعتبار:

قال ابن عطية: "وتدبر القرآن: زعيم بالتبيين والهدى" (78).

وهي هدايتان:

هداية عامة: وهي الإيمان بكون هذا القرآن حق من عند الله تعالى، وأن من جاء به رسول صدق. وهي الواردة في قوله تعالى: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (النساء: 82).

وهداية خاصة: وهي الوصول إلى مقاصده التفصيلية التي تدل عليها آياته الكريمة.

قال ابن عاشور: " وذلك يحتمل معنيين: أحدهما أن يتأمّلوا دلالة تفاصيل آياته على مقاصده التي أرشد إليها المسلمين، أي تدبّر تفاصيله؛ وثانيهما أن يتأمّلوا دلالة جملة القرآن ببلاغته على أنّه من عند الله، وأنّ الذي جاء به صادق" (79).

وقال السعدي: "أي: فهلا يتدبر هؤلاء المعرضون لكتاب الله، ويتأملونه حق التأمل، فإنهم لو تدبروه، لدلهم على كل خير، ولحذرهم من كل شر، ولملأ قلوبهم من الإيمان، وأفئدتهم من الإيقان، ولأوصلهم إلى المطالب العالية، والمواهب الغالية، ولبين لهم الطريق الموصلة إلى الله، وإلى جنته ومكملاتها ومفسداتها، والطريق الموصلة إلى العذاب، وبأي شيء تحذر، ولعرفهم بربهم، وأسمائه وصفاته وإحسانه، ولشوقهم إلى الثواب الجزيل، ورهبهم من العقاب الوبيل" (80).

4 - أن التدبر مبني على معرفة التفسير وفهم المعاني:

يتضح ذلك من قول الزمخشري: " فمعنى تدبر القرآن: تأمل معانيه وتبصر ما فيه" (81).

فالمعاني إذاً معلومة للمتدبر، لذا فإنه ينتقل إلى التأمل والتبصر لأجل الوصول إلى التدبر. ومثله قول البيضاوي: " (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) يتأملون في معانيه ويتبصرون ما فيه" (82).

5 - أن صحة التدبر مرهونة بسلامة القلب:

لذا يقول جل وعلا: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد:24). فالمشركون الذين أصابهم الرين لم ينتفعوا بهذا القرآن. بل وصل بهم تدبرهم إلى القول بأنه شعر أو سحر.

6 - أن اتّباع المتشابه صاد عن التدبر:

قال قتادة (ت: 118 هـ): "إذاً والله يجدون في القرآن زاجراً عن معصية الله لو تدبره القوم فعقلوه، ولكنهم أخذوا بالمتشابه فهلكوا عن ذلك " (83).

7 - أن ثمرة التدبر تحصل بالدوام والاستمرار عليه:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015