اشتهر تعريف التفسير في الاصطلاح عند العلماء واختلفت عباراتهم في الدلالة على هذا العلم، ومن أشهر التعاريف ما يلي (54):

1 - قال ابن جزي الكلبي:

"معنى التفسير: شرح القرآن، وبيان معناه، والإفصاح بما يقتضيه بنصِّه أو إشارته أو نجواه (55) " (56).

2 - وقال أبو حيان:

"التفسير: علم يُبْحثُ فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن، ومدلولاتها، وأحكامها الإفرادية والتركيبية، ومعانيها التي تُحْمَل عليها حال التركيب وتتمات ذلك" (57).

قال رحمه الله في شرح هذا التعريف:

"فقولنا (علم): هو جنس يشمل سائر العلوم.

وقولنا: (يُبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن): هذا علم القراءات.

وقولنا: (ومدلولاتها): أي مدلولات تلك الألفاظ، وهذا علم اللغة الذي يُحتاج إليه في هذا العلم.

وقولنا: (وأحكامها الإفرادية والتركيبية): هذا يشمل علم التصريف، وعلم الإعراب، وعلم البيان، وعلم البديع.

(ومعانيها التي تحمل عليها حال التركيب): شمل بقوله: (التي تحمل عليها): ما لا دلالة عليه بالحقيقة، وما دلالته عليه بالمجاز، فإنَّ التركيب قد يقتضي بظاهره شيئاً، ويصدُّ عن الحمل على الظاهر صادٌّ، فيحتاج لأجل ذلك أن يُحمل على غير الظاهر، وهو المجاز".

وقولنا: (وتتمات ذلك): هو معرفة النسخ، وسبب النزول، وقصةٌ توضح ما انبهمَ في القرآن، ونحوُ ذلك) " (58).

3 - قال الزركشي:

" علم يعرف به فَهْمُ كتاب الله المنزَّل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان معانيه، واستخراج أحكامه وحِكَمِه" (59).

وقال في موضع آخر:

" هو عِلْم نزول الآية وسورتها وأقاصيصها والإشارات النازلة فيها، ثم ترتيب مكِّيِّها ومدنيِّها، ومحكمها ومتشابهها، وناسخها ومنسوخها، وخاصها وعامها، ومطلقها ومقيدها ومجملها ومفسرها" قال: "وزاد فيه قوم: علم حلالها وحرامها، ووعدها ووعيدها، وأمرها ونهيها، وعِبَرِها وأمثالها" (60).

4 - وقال ابن عرفة المالكي:

"هو العلم بمدلول القرآن وخاصيِّة كيفية دلالته، وأسباب النزول، والناسخ والمنسوخ" (61).

قال في شرح هذا التعريف: "فقولنا: (خاصية كيفية دلالته): هي إعجازه، ومعانيه البيانيّة، وما فيه من علم البديع الذي يذكره الزمخشري، ومن نحا نحوه" (62).

5 - وقال الكافِيَجي:

"وأما التفسير في العرف (63) فهو: كشف معاني القرآن، وبيان المراد" (64).

6 - وقال الزُّرْقاني:

"علم يُبْحَثُ فيه عن القرآن الكريم من حيث دلالته على مراد الله بقدر الطاقة البشرية" (65).

7 - وقال محمد الطاهر بن عاشور:

"اسم للعِلْم الباحث عن بيان معاني ألفاظ القرآن، وما يستفاد منها، باختصار أو توسُّع" (66).

8 - وقال الشيخ مناع القطان:

"بيان كلام الله المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم" (67).

9 - وقال الشيخ محمد بن عثيمين:

"بيان معاني القرآن الكريم" (68).

10 – وقال الدكتور مساعد الطيار:

" التفسير: بيان القرآن الكريم" (69).

وقال في شرح هذا التعريف: "فخرج بالبيان: ما كان خارجاً عن حدِّ البيان؛ ككثير من المسائل الفقهية، والمسائل النحوية، ومبهمات القرآن، وغيرِها مما يُذكر في كتب التفسير، مما لا أثر له في التفسير.

ويخرج بالقرآن: غيرُ كلام الله سبحانه، وكلامُه لملائكته، وكلامُه لرسلِه السابقين، والحديثُ القدسيُّ، والله أعلم" (70).

وبعد الاطلاع على ما سبق من التعاريف، ومعرفة ما يُعترض به عليها، يمكن القول بأن تعريف مصطلح التفسير يختلف باختلاف مقصود المعرِّف، فإن كان المراد تحديد مصطلح التفسير عند العلماء السابقين، فيمكن تعميمه ليشمل جوانب أخرى غير التي اقتصر عليها المتأخرون، ولذا يكون مصطلحُ التفسيرِ عندهم أعمَّ وأشملَ ممن جاء بعدهم، وهذا صريح كلامهم، ومنطوق تعاريفهم، ولا يمكن محاكمة كتبهم على اصطلاح حادث بعدهم، وإن كان المقصودُ تحديد ما هو الألصق بلفظ التفسير اللغوي من تلك التعاريف، فلا شك أن الاقتصار على ذكر البيان في التعاريف هو الأولى.

فنحن إذن أمام مصطلح تغير مفهومه من جيل إلى جيل، فنجد المفهوم لدى المتقدمين ـ أو أغلبهم ـ أعم وأوسع وهو الشأن في جميع العلوم حتى تستقر وتتحرر، وهذا منهج التعميم للمصطلح.

ثم جاء منهج تحريره وتمحيصه وبيان علاقته بغيره مما أدخل فيه. وهذا أدق.

ويمكن بيان العلاقة بين التدبر والتفسير بما يلي:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015