لقد صبت هذه الدولة المجرمة جام نيرانها ودكت بطائراتها العملاقة وقنابلها التي تبلغ زنة بعضها قرابة العشرة من الأطنان أرض أفغانستان المسلمة, وغزت بجحافلها أرض العراق بعد أن أفرغت فوق حاضرته وباديته مئات الألوف من القنابل الفتاكة التي لا تعرف التمييز بين الكبير والصغير والذكر والأنثى؛ بل دكت المستشفيات على رؤوس المرضى ولوثت المياه وقطعت خطوط الكهرباء والهاتف وأشاعت الرعب والهلع وسمحت بالنهب والسرقة وانتهاك كل مُحرّم وممنوع!

ومثلها الدبُّ الروسي المتوحش، والذي ظل عقداً من الزمان يمارس أبشع العدوان والبغي فوق أرض أفغانستان وخلّف ورائه ملايين القتلى وأضعافهم من الجرحى والمعوقين ولا يزال يمارس نفس الجريمة فوق أرض الشيشان، وحسب القارئ أن يعلم أن ما ألقته روسيا على أرض الشيشان من القنابل والنيران يفوق عشر مرات حتى الآن ما ألقاه الحلفاء على ألمانيا النازية إبان الحرب العالمية!!

وما يفعله اليهود فوق أرض فلسطين برعاية الأمم الصليبية الكافرة وبرئاسة أمريكا وحليفتها انجلترا غير خاف على كل متابع لمسلسل البغي والظلم المتتابع الحلقات منذ ما يقرب من ستين عاماً!

ومثل ذلك ما يمارسه الهندوس الوثنيون فوق أرض كشمير وغيرها كثير ناهيك عن محاكم التفتيش التي هي واحدة من أبشع ما لدى الغرب الصليبي من حب الاستبداد والطغيان ضد الشعوب المسلمة خاصة وغير المسلمين عامة!.

فأي مقارنة إذاً بين تلك الحادثة الصغيرة التي تولى كبرها أصحاب الأخدود وبين هذا العدوان الشامل والحروب الشعواء التي لا يعرف لها نظير عبر التاريخ!؟

ومن عجب أنّ سبب التعذيب واحد وهو الإيمان بالله العزيز الحميد، فإنّ هؤلاء الطواغيت الحمقى لا يروق لهم أبداً أن يفرد مالك الملك،ومبدع الكون بالتوحيد والعبودية، وليتهم إذ امتنعوا عن التسليم لله بحقه، بالوحدانية والإلهية تركوا غيرهم يختارون لأنفسهم ما يرونه صواباً , ولكنهم أبو إلا أن يصدوا عن سبيل الله ويبغونها عوجا!

وقريب من العذاب بالنار والتقتيل والتشريد اضطهاد الفئة المؤمنة من خلال التضييق عليهم في أرزاقهم وفصلهم من وظائفهم، وبخسهم حقوقهم بسبب إيمانهم واعتقادهم.

(الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)

إنّ هذا الإله الذي يُعذّبُ أولياؤه ويُضطهد أحبابهُ يستحق بجدارة ذلك الإيمان العظيم الذي اعتنقه سائر المعذبين فهو مالك الملك، وخالق الكون فأي شيء ينقمه أصحاب الأخدود، وأمثالهم ممّن آمن به وأذعن له وخضع لكبريائه؟!

وفي الآية تهديد لكل صاحب إخدود من هؤلاء وذلك من وجهين بل من وجوه.

1 - أنّ الله تعالى له ملك السموات والأرض, وهذا يعني أنّ هؤلاء المجرمين المستبدين الممارسين لكل طغيان وصلف مملوكون لله تعالى وتحت تصرفه وفي محيط قبضته فأين يذهبون؟ وإلى أين يفرون؟

2 - إذا كان هؤلاء يعيشون في ممالك الله الواسعة فكيف يتصرفون في أرض الملك بغير إذنه بل يفعلون خلاف أمره فما ذا عساها تكون العاقبة؟!

3 - وقد ختمت الآية بقوله: (وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) وهذا تهديد واضح من وجهين كذلك:

أ- أنّ الله شهيد على كلِّ شيء، وليس على حادثة الأخدود فقط.

ب - أنه شهيد بنفسه سبحانه وهو أعظم شاهد كما قال الله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ} الأنعام (19).

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015