ويذهب العلامة "تومس ل. تومسون" في كتابه ــ التاريخ القديم للشعب الإسرائيلي ــ إلى أن النص المصري يصف إسرائيل كشعب هزمه "مرنبتاح" وتفسير "يوركو" الأخير لمشاهد المعركة في الكرنك الذي يعرض حملة "مرنبتاح" يلاحظ أن الفنانين المصريين يرسمون إسرائيل بنفس الأسلوب الذي يرسمون به سكان عسقلان وجازر وينعم وأن مجموعة إسرائيل التي هزمها "مرنبتاح" هي بالأحرى مجموعة محددة تماماً ضمن سكان فلسطين تحمل الاسم الذي يرد هنا لأول مرة. وفي مرحلة لاحقة متأخرة من تاريخ فلسطين، أصبح يحمل معنى مختلفاً إلى حد كبير. ويضيف "تومسون" إن نصب إسرائيل يقدم لنا مجرد اسم في بيئة تاريخية شاع فيها تغير الأسماء الجغرافية والقبيلة وتشويشها على مدى القرون.

أما "لودس" فيذكر في كتابه - إسرائيل: أنه من المحتمل أن هناك مستعمرة كنعانية تعرف باسم إسرائيل في فلسطين آنذاك. أما العلامة "تومس تومسون" فيقول في إحدى دراسته الموسومة ــ هل نستطيع كتابة تاريخ فلسطين القديم!؟ ــ: أن الاسم إسرائيل على النقش المصري الشهير للفرعون مرنبتاح في نهاية القرن الثالث عشر قبل الميلاد لا يشير إلى جماعة إثنية معينة وسط جماعات إثنية أخرى مميزة في فلسطين، حتى وإن استخدم النص العلامة الهيروغليفية الدالة على شعب في كتابة الاسم. ولعل الأكثر إثارة للاهتمام أن النص يزودنا بأقدم استخدام مدون لبطريرك هو "إسرائيل" كمجاز أدبي يدل على الشخصية الحامية لكل سكان فلسطين. وفي هذا الأمر تشابه مذهل مع الطريقة التي تغير بها اسم يعقوب التوراتي ليصبح "إسرائيل" ليتسنى له ولأبنائه تمثيل 12 قبيلة تمثل كل فلسطين. يقترن اسم إسرائيل في النقش المصري مع المرأة حورو (تجسيد الأرض) كأرملة له يقول النص "انقطعت بذرة إسرائيل" ويأخذ فرعون باعتباره الزوج الجديد لحورو وحاميها، الأرض كعروس له. أما الدور العائلي الذي يقوم به الأبناء فيمنح للبلدان التي يدعي مرنبتاح حمايتها: غزة، عسقلان، جزر، ينعم. في هذا النص أول إشارة إلى اسم إسرائيل في التاريخ، وقد حضر الاسم كموتيف في حكاية. ربما جاء الاسم نفسه من اسم منطقة آشر في عصر البرونز المتأخر (ورد كاسم لمنطقة فلسطين، وابن إسرائيل في التوراة)، وقد يكون نوعاً من التلاعب بكلمات القصيدة، ربما "انقطعت بذرة إسرائيل" ـ إشارة إلى وادي مرج بن عامر الخصيب في فلسطين.

ويذكر "تومسون" في كتابه الذي صدر أخيراً بعنوان:

ــ The رضي الله عنهible In History How Writes Create a past , Cape (1999) ــ

إن ربط "إسرائيل" بكنعان في هذا النقش المصري المبكر لا يمكن اعتباره مرادفاً لإسرائيل الواردة في التوراة، فإذا كان نقش مرنبتاح يعبر عن أي حقيقة تاريخية فإن التوراة لا تذكر عنها شيئا.

وفي تعليقه على تفسير الفقرة التي وردت في لوحة مرنبتاح يقول عالم الآثار الإسرائيلي "زئيف هرتسوغ" في تقريره المثير للجدل ـ التوراة: لا إثباتات على الأرض ــ ... رويدا رويدا بدأت تتبلور الثقوب في الصورة وبشكل متناقض نشأ وضع بدأت فيه المكتشفات الكثيرة تزعزع المصداقية التاريخية للوصف التوراتي بدلا من تعزيزها مرحلة الأزمة بدأت، وهي مرحلة لا تنجح فيها النظريات في حل عدد كبير ومتزايد من الأمور المجهولة وتأخذ في إيراد تأويلات غير ملائمة تماما، وبذلك يلف الغموض لوحة البازلت التي تبنيها المكتشفات الأثرية ليتضح إنها غير قابلة للاستكمال.

ومن الجدير بالذكر أن كثير من الأسماء الواردة في التوراة كان يعتقد ـ قبل الاكتشافات الآثارية الحديثة ـ أنها توراتية حتى بدأت تتسرب المعلومات كلما اكتشفت مواقع أثرية جديدة، فقد وجدت مسلة أسطوانية في وادي الرافدين تعود إلى فترة "نارام سين" (2260ـ2223ق. م) تحمل اسم شخص يدعى "اسر ــ إيل" ( Isre-Il) مما يدل على استعمال الاسم قبل فترة طويلة من وجود التوراة وشخوصها وأحداثها، فهذا التاريخ يسبق إبراهيم إذا راعينا معاصرته لحمورابي ــ حسب ما تزعم التوراة ــ بحوالي 700 سنه.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015