الدكتور محمد الخضيري: نعم وهذا ذكره ابن القيم في زاد المعاد قال إن التمهيد بدأ من ما ننسخ , ولذلك قال بعدها: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا .. (114)} ثم بعدها يقول: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115)} فلم يأت بعد قوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ... (142)} وبعدها أيضا يقول: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ .. } ثم بعدها يقول: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ .. } فالآن أنت ستتبع قبلة بناها إبراهيم فمن هو إبراهيم , وما هو مقامه وما موقف الناس منه بل أنه يؤكد هذا فيقول: {قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136)} كل هذه ممهدات , ثم يأتي قوله: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ... (142)} لماذا سماهم سفهاء؟

الدكتور عبد الرحمن الشهري: لخفة عقولهم وقلة علمهم وجهالتهم وأنه لا يعترض على أوامر الله إلا السفيه , والسفاهة عند العرب هي الخفة , والحقيقة أن كلام الدكتور محمد جميل في كون أن هذه الآيات , من منتصف السورة وهي تمهد لهذه القضية الكبرى , فتحويل القبلة من بيت المقدس إلى مكة ليست مسألة بسيطة , فاليهود كانوا يعارضون النبي - صلى الله عليه وسلم - بلا شك , لكن آلمهم ألم شديد أنه ترك القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة, لأنه بذلك خالفهم مخالفة تامة , وبالرغم من أنهم كانوا يخالفونه إلا أنهم كانوا يشعرون بنوع من التعالي لأنه كان لازال يتمسك بشيء من شريعتهم , لكن لما جاء القرار الحاسم: { .. فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)} فكان هذا الأمر كضربة قاضية لليهود.

الدكتور محمد الخضيري: تأكيدا لكلامك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في بداية الهجرة , كان فيما لم يوحى إليه فيه ينظر إلى ما يفعل اليهود لأنهم أصحاب شريعة فيفعل مثلهم ,ثم في نهاية الأمر أمر بمخالفتهم , فهذه ضربة حاسمة لهم.

الدكتور عبد الرحمن الشهري: وهذه أوقدت الحسد في نفوسهم لذلك جاء ذكر الحسد في الآيات: { .. حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ .. }

الدكتور مساعد الطيار:قرأت مرة بحث في موضوع هل شأن القبلة كشأن الجمعة ضل عنه اليهود والنصارى وهدى الله له هذه الأمة وكذلك القبلة ضل عنها اليهود والنصارى وهدى الله له المسلمين فلم أجد جوابا.

الدكتور عبد الرحمن الشهري: هذا من تكريم الله لهذه الأمة وادخاره الفضل لهذه الأمة فهداها للجمعة والكعبة.

الدكتور مساعد الطيار: لكن هل شرعت لهم وضلوا عنها فقد اخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم - أن اليهود والنصارى ضلوا عن يوم الجمعة فاتخذ اليهود يوم السبت بدلا عنه و اتخذ النصارى يوم الأحد بدلا عنه وهدانا الله ليوم الجمعة.

الدكتور عبد الرحمن الشهري: لكن هذه تبقى اصطفاء من الله و توجيه فلو أمره بالتوجه لليمن لتوجه لها , فلله المشرق والمغرب.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015