الدكتور مساعد الطيار:: لكن لما رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم- يعمل كما أشارت عليه أم سلمة ,بادروا بذلك فهذه فائدة مهمة جدا ينبغي أن ينتبه لها المسلم كيف أن هؤلاء الصحابة - رضي الله عنهم - لا يذكر عنهم مثل ما يذكر عن بني إسرائيل أو كما يحصل للأسف اليوم , تجد الإنسان عندما تقول له لماذا لم تؤدي السنن بعد الصلاة فيقول: هي سنة يثاب فاعلها و لا يعاقب تاركها , والعجيب في هذا الأمر -كما تلاحظون- أنه يأخذ هذا الحكم الأصولي الذي ذكره علماء الأصول ,لكي يتملص من هذا الأمر , لكن الصحابة - رضي الله عنهم - لم يكونوا يسألون هل هذه يثاب فاعلها أو لا , بل ينظرون هل أمر بها النبي - صلى الله عليه وسلم- أو لم يأمر , هل نهى النبي- صلى الله عليه وسلم -أم لم ينهى فقط , و القصد من ذلك أننا كمسلمين علينا أن نتنبه لهذا , و أن لا تؤثر علينا التقسيمات العلمية , في ترك بعض هذه الفضائل العظيمة جدا , بل نقول هل أمر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فنعمل بها.

الدكتور محمد الخضيري:: ننتقل إلى شيء آخر وهو مبحث مهم في مقدمات السورة أيضا , , كنا نريد أن نفيض فيه المرة الماضية , عندما تحدثنا في سورة الفاتحة , ولكن لعلنا نتحدث عنه الآن , وهو هل سورة البقرة مكية أو مدنية , طبعا لا إشكال عند أهل العلم أنها سورة مدنية , بل هي من أوائل ما نزل في المدينة لكنها استمرت في النزول إلى آخر آية في القرآن فآخر أية في القرآن موجودة في سورة البقرة أيضا.

الدكتور مساعد الطيار:: إذا هي سميت بسورة البقرة قبل أن تكتمل؟

الدكتور محمد الخضيري:: نعم , سميت بذلك قبل أن تكتمل فآخر آية نزلت في القرآن , وهي قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281)} البقرة , وهذه هي الآية التي قبل آية الدين , إذن سورة البقرة استمرت في النزول مدة بقاء النبي -صلى الله عليه وسلم - في المدينة من بعد هجرته إلى أن توفي , وهي تنزل لأنها سورة طويلة وتعالج قضايا كثيرة , السؤال الذي يهم في هذا الموضوع , لماذا نبحث هل السورة مدينة أو مكية؟ ذكر الدكتور عبد الرحمن من قبل من أجل معرفة الناسخ والمنسوخ , ولكن هناك قضية مهمة جدا في الفهم والتدبر ,عندما تعلم أن السورة مكية تعلم أن قضاياها القضايا المدنية , قضايا التشريع والنفاق والجهاد , واليهود , مناظرة أهل الكتاب , بخلاف السور المكية التي كانت قضاياها التأسيس والبناء لأصول وعقائد الإيمان من الإيمان بالله والرسول والرسالة واليوم الآخر , فتجد محور السور المكية يدور حولها , ولذلك نلاحظ في سورة البقرة كثرة التشريعات , و محاورة اليهود , وذكر المنافقين وفضح أخلاقهم, وبيان عوارهم فكل هذا موجود فيها , فهذا يفيدني وأنا اقرأ السورة أن أعرف أن موضوعات السورة لا تخرج عن هذه الحدود لأنها سورة مدنية, أما إذا كانت مكية فتكون في موضوعات أخرى وهي تأصيل العقيدة وبناء الإيمان.

الدكتور مساعد الطيار:: هناك فائدة لو يحدثنا الدكتور عبد الرحمن عنها و لها علاقة بهذا , فبعض العلماء رتب القرآن حسب نزوله بناء على المكي والمدني , ثم بنى تفسيره على هذا , فهل تذكرون لنا بعض الأمثلة وفائدة هذا العمل؟

الدكتور عبد الرحمن الشهري:: يذكرون أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - كان المصحف الخاص به مرتب حسب النزول , فكان كلما نزلت سورة يكتبها , فجاء ترتيبه كالتالي؛ يكتب سورة العلق ثم المدثر , والحقيقة أن في هذا الموضوع عدة مسائل , وهي هل هناك فائدة من ترتيب القرآن حسب النزول برأيكم , المسألة الثانية الحكم الشرعي , المسألة الثالثة لماذا جاء ترتيب القرآن الكريم دون اعتبار لزمن نزوله , فقد نزل بترتيب معين لكنه جمع كما هو بين أيدينا اليوم على خلاف ذلك الترتيب , فهل معنى ذلك أن الزمن غير معتبر لأن القرآن جاء لكل زمان ومكان فلا يتقيد بزمن نزوله وترتيبه على هذا الأساس؟ أما بالنسبة لمحاولات بعض العلماء كما ذكر الدكتور مساعد فمعظمها كان متأخر , أو كل التي نعرفها محاولات متأخرة , والترتيب فيها يكون حسب ترتيب نزول السور فلا تجد أحد من العلماء يفسر لك أول سورة العلق ثم يفسر صدر سورة المدثر ثم يعود لسورة العلق , وإنما يذكر

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015