يوجد الدليل كَذَلِكَ فَالْأَصْلُ الْمَنْعُ.

وَذَهَبَ الْأَشْعَرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، إِلَى الْوَقْفِ بِمَعْنَى لَا يَدْرِي هَلْ "هُنَاكَ"* حُكْمٌ أَمْ لَا؟

وَصَرَّحَ الرَّازِيُّ فِي "الْمَحْصُولِ": أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَنَافِعِ الْإِذْنُ، وَفِي الْمَضَارِّ الْمَنْعُ.

احْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} 1 فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ حَرَّمَ ذَلِكَ، فَوَجَبَ أَنْ لَا تَثْبُتَ حُرْمَتُهُ، وَإِذَا لَمْ تَثْبُتْ حُرْمَتُهُ امْتَنَعَ ثُبُوتُ الْحُرْمَةِ فِي فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ جُزْءٌ مِنَ الْمُقَيَّدِ، فَلَوْ ثَبَتَتِ الْحُرْمَةُ فِي فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ، لَثَبَتَتِ الْحُرْمَةُ فِي زِينَةِ اللَّهِ، وَفِي الطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ، وَإِذَا انْتَفَتِ الْحُرْمَةُ بِالْكُلِّيَّةِ ثَبَتَتِ الْإِبَاحَةُ.

وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} 2 وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الطَّيِّبِ الْحَلَالُ، وَإِلَّا لَزِمَ التَّكْرَارُ، فَوَجَبَ تَفْسِيرُهُ بِمَا يُسْتَطَابُ طَبْعًا، وَذَلِكَ يقتضي حل المنافع بأسرها.

واحتجوا أيضًا بقول تَعَالَى: " {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} 3، وَاللَّامُ تَقْتَضِي الِاخْتِصَاصَ بِمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ.

وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى"**: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً} 4 الْآيَةَ فَجَعَلَ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةَ، وَالتَّحْرِيمَ مُسْتَثْنًى.

وَبِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} 5.

وَبِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "إن أعظم "المسلمين في الْمُسْلِمِينَ جُرمًا مَنْ" *** سَأل عَنْ شَيْءٍ فَحُرِّمَ على "المسلمين " **** من أجل مسألته " 6.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015