...
خاتمة لمقاصد هذا الكتاب:
اعلم: أنا قد قدرنا فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ الْخِلَافَ فِي كَوْنِ الْعَقْلِ حَاكِمًا أَوْ لَا.
وَذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ يُدْرِكُهَا الْعَقْلُ، وَيَحْكُمُ فِيهَا، كَصِفَاتِ الْكَمَالِ، وَالنَّقْصِ، وَمُلَاءَمَةِ الْغَرَضِ، وَمُنَافَرَتِهِ.
وَأَحْكَامُ الْعَقْلِ بِاعْتِبَارِ مُدْرَكَاتِهِ تَنْقَسِمُ إِلَى خَمْسَةِ أَحْكَامٍ، كَمَا انْقَسَمَتِ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ إِلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ.
الْأَوَّلُ: الْوُجُوبُ، كَقَضَاءِ الدَّيْنِ.
وَالثَّانِي: التَّحْرِيمُ، كَالظُّلْمِ.
وَالثَّالِثُ: النَّدْبُ، كَالْإِحْسَانِ.
وَالرَّابِعُ: الْكَرَاهَةُ، كَسُوءِ الْأَخْلَاقِ.
وَالْخَامِسُ: الْإِبَاحَةُ، كَتَصَرُّفِ الْمَالِكِ فِي ملكه.
وهما مسألتان.