وَتَسْمِيَةُ الْخَمْسَةِ تَكْلِيفِيَّةً تَغْلِيبٌ؛ إِذْ لَا تَكْلِيفَ فِي الْإِبَاحَةِ بَلْ وَلَا فِي النَّدْبِ، وَالْكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِيَّةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
وَسُمِّيَتِ الثَّلَاثَةُ وَضْعِيَّةً؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ وَضَعَهَا عَلَامَاتٍ لِأَحْكَامٍ تَكْلِيفِيَّةٍ، وُجُودًا وَانْتِفَاءً.
فَالْوَاجِبُ فِي الِاصْطِلَاحِ: مَا يُمْدَحُ فَاعِلُهُ، وَيُذَمُّ تَارِكُهُ، عَلَى بَعْضِ الْوُجُوهِ فَلَا يَرِدُ النَّقْضُ بِالْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ، وَبِالْوَاجِبِ عَلَى الْكِفَايَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُذَمُّ فِي الْأَوَّلِ، إِذَا تَرَكَهُ مَعَ الْآخَرِ، وَلَا يُذَمُّ فِي الثَّانِي إِلَّا إِذَا لَمْ يَقُمْ بِهِ غَيْرُهُ.
وَيَنْقَسِمُ إِلَى مُعَيَّنٍ وَمُخَيَّرٍ، وَمُضَيَّقٍ، وَمُوَسَّعٍ، وَعَلَى الْأَعْيَانِ، وَعَلَى الْكِفَايَةِ.
وَيُرَادِفُهُ الْفَرْضُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ1، وَقِيلَ: الْفَرْضُ مَا كَانَ دَلِيلُهُ قَطْعِيًّا، وَالْوَاجِبُ مَا كَانَ دَلِيلُهُ ظَنِّيًّا وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؟
وَالْمَحْظُورُ: مَا يُذَمُّ فَاعِلُهُ وَيُمْدَحُ تَارِكُهُ، وَيُقَالُ: لَهُ الْمُحَرَّمُ، وَالْمَعْصِيَةُ، وَالذَّنْبُ، وَالْمَزْجُورُ عَنْهُ، وَالْمُتَوَعَّدُ عَلَيْهِ، وَالْقَبِيحُ.
وَالْمَنْدُوبُ: مَا يُمْدَحُ فَاعِلُهُ، وَلَا يُذَمُّ تَارِكُهُ.
وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَكُونُ فِعْلُهُ رَاجِحًا فِي نَظَرِ الشَّرْعِ، وَيُقَالُ لَهُ: مُرَغَّبٌ فِيهِ، وَمُسْتَحَبٌّ، وَنَفْلٌ، وَتَطَوُّعٌ، وَإِحْسَانٌ، وَسُنَّةٌ.
وَقِيلَ: إِنَّهُ لَا يُقَالُ لَهُ سُنَّةٌ، إِلَّا إِذَا دَاوَمَ عَلَيْهِ الشَّارِعُ، كَالْوِتْرِ، وَرَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ.
وَالْمَكْرُوهُ: مَا يُمْدَحُ تَارِكُهُ، وَلَا يُذَمُّ فَاعِلُهُ.
وَيُقَالُ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: عَلَى مَا نُهِيَ عَنْهُ نَهْيَ تَنْزِيهٍ، وَهُوَ الَّذِي أَشْعَرَ فَاعِلَهُ أَنَّ تَرْكَهُ خَيْرٌ مِنْ فِعْلِهِ، وَعَلَى تَرْكِ الْأَوْلَى، كَتَرْكِ صَلَاةِ الضُّحَى، وَعَلَى الْمَحْظُورِ الْمُتَقَدِّمِ.
وَالْمُبَاحُ: مَا لَا يُمْدَحُ عَلَى فِعْلِهِ، وَلَا عَلَى تَرْكِهِ.
وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ أَعْلَمَ فَاعِلَهُ أَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ، فِي فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مَا لَا ضَرَرَ عَلَى فَاعِلِهِ، وَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ مَحْظُورًا، كَمَا يُقَالُ: دَمُ الْمُرْتَدِّ مُبَاحٌ، أَيْ: لَا ضَرَرَ عَلَى مَنْ أَرَاقَهُ، وَيُقَالُ لِلْمُبَاحِ: الْحَلَالُ، وَالْجَائِزُ، والمطلق.