...
أما الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الْحُكْمِ:
فَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ هُوَ: الْخِطَابُ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ بِالِاقْتِضَاءِ1 أَوِ التَّخْيِيرِ أَوِ الْوَضْعِ، فَيَتَنَاوَلُ اقْتِضَاءَ الْوُجُودِ، وَاقْتِضَاءَ الْعَدَمِ، إِمَّا مَعَ الْجَزْمِ، أَوْ مَعَ جَوَازِ التَّرْكِ، فَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْوَاجِبُ وَالْمَحْظُورُ، وَالْمَنْدُوبُ، وَالْمَكْرُوهُ، وَأَمَّا التَّخْيِيرُ فَهُوَ الْإِبَاحَةُ.
وَأَمَّا الْوَضْعُ: فَهُوَ السَّبَبُ، وَالشَّرْطُ، وَالْمَانِعُ.
فَالْأَحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّةُ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ جَازِمًا، أَوْ لَا يَكُونَ جَازِمًا، فَإِنْ كَانَ جَازِمًا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ طَلَبَ الْفِعْلِ، وَهُوَ الْإِيجَابُ، أَوْ طَلَبَ التَّرْكِ، وَهُوَ التَّحْرِيمُ.
وَإِنْ كَانَ غَيْرَ جَازِمٍ، فَالطَّرَفَانِ إِمَّا أَنْ يَكُونَا عَلَى السَّوِيَّةِ، وَهُوَ الْإِبَاحَةُ، أَوْ يَتَرَجَّحُ جَانِبُ الْوُجُودِ، وَهُوَ النَّدْبُ، أَوْ يَتَرَجَّحُ جَانِبُ التَّرْكِ، وَهُوَ الْكَرَاهَةُ، فَكَانَتِ الْأَحْكَامُ ثَمَانِيَةً، خَمْسَةٌ تَكْلِيفِيَّةٌ وَثَلَاثَةٌ وَضْعِيَّةٌ.