وهناك كلام قاله الله سبحانه من قبل، وكلام سيقوله في المستقبل، فهو يخاطب من شاء، متى شاء.
قوله: ((يسمعه منه من شاء من خلقه، سمعه موسى - عليه السلام - منه من غير واسطة، ومن أَذِنَ له من ملائكته ورسله، وأنه سبحانه يكلِّم المؤمنين في الآخرة ويكلِّمونه، ويأذن لهم فيزورونه)): يريد أن الله تعالى يكلم المؤمنين في الجنة ويكلمونه، ويأذن لهم فيزورونه، وذلك في يوم المزيد، الذي يوافق وقته يوم الجمعة في الدنيا، فيحضر المؤمنون فينعمون بالنظر إلى وجهه الكريم، وذلك أجل نعيم أهل الجنة، نسأله تعالى لذة النظر إلى وجهه الكريم.
قوله: ((قال الله تعالى: {وكلم الله موسى تكليماً} [النساء:164]، وقال سبحانه: {يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي} [الأعراف:144]، وقال سبحانه: {منهم من كلَّمَ اللهُ} [البقرة:253]، وقال سبحانه: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب} [الشورى:51]، وقال تعالى: {فلما أتاها نودي يا موسى إني أنا ربك} [طه:11 - 12]، وقال: {إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني} [طه:14]، وغير جائز أن يقول هذا إلا الله)): وقد استدل المؤلف -رحمه الله- في إثبات كلام الله بهذه الآيات، وهي ظاهرة الدلالة على ما أراد من إثبات صفة الكلام لله، وأنه تعالى يتكلم ويكلم، وأن كلامه بصوت يسمعه المخاطب، وكل الآيات التي ذكرها في شأن تكليم الله لموسى، وتكليمه لمن شاء من البشر، وأشهر من كلمه الله من الرسل هو موسى - عليه السلام -، ولذا يعرف بأنه كليم الله، أي: مُكلَّم من الله،