الثالث: أنّا إذا حملنا عابر السبيل على الجنب المسافر فهذا إن كان واجداً للماء لم يجز له القرب من الصلاة البتّة فحينئذ يحتاج إلى إضمار هذا الاستثناء في الآية، وإن لم يكن واجداً للماء لم يجز له الصلاة إلا مع التيمم فيفتقر إلى إضمار هذا الشرط في الآية، وأمّا على ما قلناه فإنّا لا نفتقر إلى إضمار شيء في الآية؛ فكان قولنا أولى.
الرابع: أن الله تعالى ذكر حكم السفر وعدم الماء وجواز التيمم بعد هذا، فلا يجوز حمل هذا على حكم مذكور في آية بعد هذه الآية. والذي يؤكده أن القرّاء استحبوا الوقف عند قوله {حتى تغتسلوا} ثمّ يستأنف قوله {وإن كنتم مرضي} لأنّه حكم آخر. وأمّا إذا حملت الآية على ما ذكرنا لم نحتج فيه إلى هذه الإلحاقات، فكان ما قلناه أولى.
وقال الرازي أيضاً: قيل للذي يجب عليه الغسل جنب لأنّه يجتنب الصلاة والمسجد وقراءة القرآن حتى يتطهر.
4 - وقال القاضي أبو بكر بن العربي في" أحكام القرآن":
المسألة الحادية عشرة: ثبت عن عطاء بن يسار أنه قال: كان رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تصيبهم الجنابة فيتوضئون ويأتون المسجد يتحدثون فيه. وربما أغتر بهذا جاهل فظنَّ أنَّ اللبث للجنب في المسجد جائز. وهذا لا حجة فيه، فإن كل موضع وضع للعبادة وأكرم عن النجاسة الظاهرة كيف يدخله من لا يرضي لتلك العبادة، ولا يصح له أن يتلبس بها؟
5 - وقال الشوكاني في تفسيره" فتح القدير":