ثمّ حكى بعد ذلك قول الطبري السابق نقله واختيار الطبري لتأويل الآية، ثم قال ابن كثير:
" وهذا الذي نصره - يعنى الطبري -هو قول الجمهور، وهو الظاهر من الآية، وكأنه تعالى نهى عن:
1 - تعاطى الصلاة على هيئة ناقصة تناقض مقصودها.
2 - وعن الدخول إلى محلها على هيئة ناقصة وهى الجنابة المباعدة للصلاة ولمحلها أيضاً، والله أعلم."
وقال "وقوله عزّ وجل {حتى تغتسلوا} دليل لما ذهب إليه الأئمة الثلاثة: أبوحنيفة ومالك والشافعي أنه يحرم على الجنب المكث في المسجد حتى يغتسل أو يتيمم إن عدم الماء أو لم يقدر على استعماله بطريقة، وذهب الإمام أحمد إلى أنه متى توضأ الجنب جاز له المكث في المسجد لما روى سعيد بن منصور في سننه بسند صحيح أنّ الصحابة كانوا يفعلون ذلك. "
فائدة:
أوضح ابن كثير أن تفسير آية {ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ولا ... } أي لا تقربوا مواضع الصلاة وأنه قول الجمهور، وفي ذلك رد على من قال أن المقصود حقيقة الصلاة وأنه قول أكثر المفسرين! (?)
نعم من الصحيح أنه قول بعض المفسرين بلا شك، ولكن الجمهور على خلاف ذلك، وقد عرفت قول الجهبذين الطبري وابن كثير.
3 - ومن تفسير مفاتح الغيب لفخر الدين الرازي:
بعد أن نقل الرازي الاختلاف في تأويل الآية، قال إن أصحاب الشافعي انتصروا لقوله بوجوه منها:
الأول: أنّه - سبحانه وتعالى - قال: {لا تقربوا الصلاة} والقرب والبعد لا يصحان على نفس الصلاة على سبيل الحقيقة، إنّما يصحان على المسجد.
الثاني: أنّا لو حملناه على ما قلنا لكان الاستثناء صحيحاً، أمّا لو حملناه على ما قلتم لم يكن صحيحاً لأن من لم يكن عابر سبيل وقد عجز عن استعمال الماء بسبب المرض الشديد؛ فإنّه يجوز له الصلاة بالتيمم، وإذا كان كذلك كان حمل الآية على ذلك أولى.