يمكن أن يقال: أن بعض قيود النهى أعنى (لا تقربوا) وهو قوله (وأنتم سكارى) يدل على أن المراد بالصلاة معناها الحقيقي وبعض قيود النهى وهو قوله (إلا عابري سبيل) يدل على أن المراد مواضع الصلاة ولا مانع من اعتبار كل واحد منهما مع قيده الدالّ عليه ويكون ذلك بمنزلة نهيين مقيد كل واحد منهما بقيد، وهما لا تقربوا الصلاة التي هي ذات الأذكار والأركان وأنتم سكارى، ولا تقربوا مواضع الصلاة حال كونكم جنباً إلا حال عبوركم في المسجد من جانب إلى جانب.
ثمّ حكى قول الطبري وقول ابن كثير وهو قول الجمهور كما سبق.
توضيح:
بالرغم من أن هذه الآية في حق الجنب إلا إنها أيضاً في حق الحائض كما قال المفسرون، وذلك لأن الحائض حدثها أغلظ من حدث الجنب، فكل ما ينطبق حكماً على الجنب ينطبق على الحائض، وليس كل ما ينطبق حكماً على الحائض ينطبق على الجنب، لأن الحائض حدثها أغلظ كما سبق.
ثانياً: الأحاديث:
الحديث الأول:
حديث رواه الجماعة: عن أمّ عطية قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{لتخرج العواتق ذوات الخدور-أو العواتق وذوات الخدور - والحيض فيشهدن الخير ودعوة المسلمين، ويعتزل الحيض المصلى} . (?)
من فقه الحديث:
- ترجم الإمام البخاري لهذا الحديث: "باب: اعتزال الحيض المصلى "
- وقال الإمام النووي (في شرحه لصحيح مسلم 6/179) : "فيه منع الحيض من المصلى، واختلف أصحابنا في هذا المنع، فقال الجمهور: هو منع تنزيه لا تحريم وسببه الصيانة والاحتراز من مقارنة النساء للرجال من غير حاجة ولا صلاة، وإنما لم يحرم لأنّه ليس مسجداً. وحكى أبو جعفر الدارمي من أصحابنا عن بعض أصحابنا أنّه قال يحرم المكث في المصلى على الحائض كما يحرم مكثها في المسجد لأنّه موضع للصلاة فأشبه المسجد والصواب الأول. "