وقد تلقى ابن الجوزي علم الفقه وأصوله على يد عدد من الشيوخ، أولهم ابن الزاغوني، وبعد وفاته "قرأ الفقه والخلاف والجدل والأصول على أبي بكر الدينوري، والقاضي أبي يعلى الصغير، وأبي حكيم النهرواني. . . ." (?). وله مصنفات عدة في الفقه وأصوله منها: كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف وكتاب جنة النظر وجنة المنتظر وكتاب البلغة.
وقد ضبط ابن الجوزي آراءه التربوية بالضابط الشرعي الذي يحقق مقاصد الشريعة الإسلامية، ويبدو ذلك واضحًا في باب التقويم في الآراء التربوية التي وثقها بالقواعد الفقهية، ويمكن الرجوع إليها منعًا من التكرار.
7 - صحة الفهم وحسن التقدير:
المقصود بها: القدرة أو "الأداة التي بها يكون استخدام كل المعلومات المتعلقة بفهم القرآن الكريم والسُّنّة النبوية وأصول الفقه ومعرفة اللغة العربية، وتوجيهها، وتمييز زيف الآراء من صحيحها، وغثَّها من سمينها" (?).
وقد اشترط بعض العلماء أن يكون المجتهد عالمًا بالمنطق، والبعض الآخر لم يشترط المنطق، كالشافعي الذي اشترط في المجتهد أن يكون متميزًا "بحسن الفهم ونفاذ النظر، ليصل إلى لب الحقائق" (?).
ومن خلال الاستقراء لمعظم الآراء التربوية لابن الجوزي، نلاحظ أنه يتميز بالقدرة على توظيف قدراته العقلية وثقافته الإسلامية الشاملة لعلوم القرآن الكريم، والسُّنّة النبوية، وأصول الفقه، ومعرفة اللغة العربية، وعلم المنطق في الوصول إلى آراء تربوية إسلامية مستوحاة من الفهم الصحيح لهذا المنهج الإسلامي السديد، ما عدا بعض الآراء التي رفضتها لأسباب ذكرتها في مواضعها عند التقويم.