الرأي، الذي عبر عنه قائلًا: "وإن مطعمًا يؤذي البدن فيفوته فعل خير ينبغي أن يهجر .. ثم أضاف .. فالعاقل يعطي بدنه من الغذاء ما يوافقه كما ينقّي الغازي شعير الدابة. ولا تظنن أني آمر بأكل (بإشباع) الشهوات، ولا بالإكثار من الملذوذ، إنما آمر بتناول ما يحفظ النفس، وأنهى عما يؤذي البدن" (?).

إن الهدف من عرض تجربة ابن الجوزي التربوية في مجال التربية الجسمية، هو الوقوف على المعنى الحقيقي لتربية هذا الجانب دون إسرافٍ أو تعطيلٍ لطاقات البدن عن دورها الفعلي في الحياة. وهو بعرضه لهذه الآراء، إنما يدل على فهمه العميق، ونظرته الصائبة لإشباع هذه الحاجة الفطرية الأساسية باعتدالٍ، وهي معتمدة على الكتاب الكريم والسنة النبوية الشريفة.

ثانيًا: رأي ابن الجوزي في دافع الجنس

لقد أودع الله تعالى في فطرة الإنسان الدافع الجنسي وجعله وسيلة حيوية لاستمرار النوع البشري، ولتحقيق هذا الهدف كما يرضاه الله أمر الإسلام بالزواج؛ قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} (?). وقال - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر الشبابِ من استطاع منكم الباءة فليتزوجْ، فإنه أغضُ للبصرِ وأحصنُ للفرجِ. ومن لم يستطع فعليه بالصوم. فإنه له وجاءٌ". (?)

وفي هذا المعنى يقول ابن الجوزي: "ولولا تركيب الهوى المائل بصاحبه إلى النكاح ما طلبه أحد، ففات النسل، وآذى المحتقن" (?). وهذا الدافع وُضع في الإنسان كالباعث المستحث لإنجاب الولد، ولم يوضع للذة والمتعة فقط، وفي هذا يقول ابن الجوزي: "فمن علم أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015