{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (?). وفي هذا المعنى يقول ابن الجوزي: "ثم ينبغي له أن يرفق ببدنه الذي هو راحلته، ولا ينقص من قوتها فتنقص قوته. ولست آمرًا بالشبع الذي يوجب الجشاء (?)، إنما آمر بالتوسط، فإن قُوى الآدمى كعين جاريةٍ كم فيها من منفعةٍ لصاحبها ولغيره" (?). وقوله: "فمقتضى العقل الذي حرك على طلب هذه المصالح أن يكون التناول للمطعم والمشرب مقدار الحاجة والمصلحة، ليقع الالتذاذ بالعافية. ومن البلية طلب الالتذاذ بالمطعم، وإن كان غير صالح، والشره في تناوله" (?).
وقد استقى ابن الجوزي من قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي استشهد به: "ما ملأ آدمي وعاءً شرًا من بطن، حَسْب ابن آدم أُكُلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه" (?)، أما عن أهمية الاعتدال في الأكل فقال: "وإنما يكره الأكل فوق الشبع" (?). وقال في التقلل من الأكل: "فإن المتقلل لا يزال يتقلل إلى أن يعجز عن النوافل ثم الفرائض ثم يعجز عن مباشرة أهله وإعفافهم، وعن بذل القوى في الكسب لهم، وعن فعل خيرٍ قد كان يفعله" (?). ثم بيَّن ابن الجوزي بعض أضرار الشبع فقال: "فأما التوسع في المطاعم، فإنه سبب النوم، والشبع يعمي القلب، ويرهل البدن ويضعفه [يقصد به ضعف الصحة رغم السمنة] فافهم ما أشرت إليه، فالطريق هي الوسطى" (?) أما