ومن العلماء "من أرجع التأثير في الطبيعة الإنسانية إلى عامل الوراثة وحدها، وإلى الميراث الفطري الحيوي (البيولوجي) فقط، وتغاضى عن أثر البيئة في تشكيل هذه الطبيعة. وكانت النظرية الغرضية التي وضعها (ويليام مكدوجل) تؤكد الدور الفعال للوراثة في تحديد السلوك، وتُرجع هذا السلوك إلى مجموعة الغرائز التي يولد الإنسان مزودا بها. ومنهم من أرجع كل التأثير في الطبيعة الإنسانية إلى البيئة وتغاضى عن أثر الوراثة إلى حد كبير، ورأى أن الإنسان يولد وعقله صفحة بيضاء، وليست هناك استعدادات موروثة، إن هي إلا عادات يكتسبها الفرد في أثناء حياته" (?).

وهناك الكثير من التصورات الخاصة بالطبيعة البشرية -كما نعرضها فيما بعد- والتي أثبتت قصور الفلاسفة والمفكرين في وضع تصور صحيح عن طبيعتها كما خلقها الله تعالى، وفي هذا يقول اليكسس كاريل موضحا هذا القصور: "وبتعلمنا سر تركيب المادة وخواصها استطعنا الظفر بالسيادة تقريبًا على كل شيء موجود على ظهر البسيطة فيما عدا أنفسنا"، ثم أضاف قائلا "على الرغم من أننا نملك كنزًا من الملاحظات التي كدسها العلماء والفلاسفة والشعراء وكبار العلماء الروحانيين في جميع الأزمان، فإننا استطعنا أن نفهم جوانب معينة فقط من أنفسنا .. إننا لا نفهم الإنسان ككل .. إننا نعرفه على أنه مكون من أجزاء مختلفة، وحتى هذه الأجزاء ابتدعتها وسائلنا .. فكل واحد منا مكون من موكب من الأشباح، تسير في وسطها حقيقة مجهولة. وواقع الأمر أن جهلنا مطبق. فأغلب الأسئلة التي يلقيها على أنفسهم أولئك الذين يدرسون الجنس البشري تظل بلا جواب" (?).

ومن خلال هذه التصورات التي تتسم بالجهل والقصور البشري، تبرز لنا بوضوح نظرة الإسلام إلى الطبيعة البشرية بما فيها من شمول وتكامل واتزان، لأن الله تعالى هو الذي خلقها وهو أعلم بخصائصها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015