ومكوناتها وطبيعتها {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (?).

وسنظهر وجهة النظر الإِسلامية من خلال آراء ابن الجوزي في هذا الموضوع.

أولًا: طبيعة الإنسان تدل على وجود الخالق في نظر ابن الجوزي

قبل أن نوضح خلق الإنسان، لابد من التعرض لخالق هذا الإنسان، ولا نُرجع خلق الإنسان إلى الصدفة أو الطبيعة أو غيرها كما فعَل أصحاب المذاهب المختلفة. بل نقول كما قال ابن الجوزي إن هذه الطبيعة "من أكبر الأدلة على وجود الخالق سبحانه هذه النفس الناطقة المميزة المحركة للبدن على مقتضى إرادتها، فقد دبرت مصالحها، وترقت إلى معرفة الأفلاك، واكتسبت ما أمكن تحصيله من العلوم، وشاهدت الصانع في المصنوع" (?).

هذا وإيمان الإنسان بوجود الله تعالى مركوز في أصل خلقته وفطرته، لقول الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} (?).

ولبيان وجود الإيمان بالله تعالى في أصل فطرة الإنسان، فقد عرف الإمام الجرجاني الفطرة بقوله: "الجبلة المتهيئة لقبول الدين" (?)، وفسر الإمام القرطبي قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} (?). بقوله: "وقالت طائفة من أهل الفقه والنظر: الفطرة هي الخلقة التي خلق عليها المولود في المعرفة بربه، فكأنه قال: كل مولود يولد على خلقه يعرف بها ربه إذا بلغ مبلغ المعرفة، يريد خلقةً مخالفة لخلقة البهائم التي لا تصل بخلقتها إلى معرفته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015