قالب المفاعلة، والمفاعلة لا تكون إلا من اثنين، إلا في النادر في الكلام، فأما العام فإنه من أثنين، فكأنه قال: (وجاهدوا في الله حق جهاده). وقال في آية أخرى: (واعتصموا بالله). أي امتنع من شر النفس وحربها وعداوتها بالله تعالى، فكأن النفس عدوك، يرميك بسهم الشهوة، والهوى يقويها، وهي مظلمة، لا تستعين بالله عليك، وأنت ترميها بسهم المعرفة والعقل، وتستعين بالله تعالى عليها، فأنت المنصور، لأنك بالله تجاهدها، وهي تجاهدك لا بالله، فدلك ربك على الاعتصام منها به، ثم وعدك النصر، وشجعك على المجاهدة، فقال: (هو مولاكم): أي يلي نصرتكم، ثم قال: (نعم المولى ونعم النصير): ينبئك وهو يملك كثرة النصرة
ومتابعتها، فإذا تركت الاعتصام به خذلك، وخذلانه أن يمنع النصرة، فإذا منع النصرة، فجاهدت النفس، رمتك بسهام الشهوة والهوى، فرميتها بسهام المعرفة والعقل، لم تغلبها