فإذا احترق النور صلب القلب وقسا ويبس، فخف عن ذكر الله، ولهى عنه، فالمشروح صدره للإسلام، شرحه ربه (فهو على نور من ربه، فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله) فمدت النفس آلتها، فصار في سلطانها، كما يحمي القوس حتى تلين، ويتخلى عن البيت الأول.
كذلك تراض النفس بأن تحمى، وهو أن يمنعها اللذات والشهوات، فتحزن، ويصيبها حرقات منع الشهوات في مصائبها، فبتلك تذل وتنقمع، وتلين وتتخلى عن القلب، فيرجع القلب إلى مكانه بنور المعرفة ونور العقل ونور العلم ونور فوائد العطايا؛ فكلما منعت النفس شيئاً من هذه الشهوات، خلت عنه كما وصفنا؛
كلما أعطيت النفس منيتها قويت، فصارت كالشجرة تثمر الحنظل والدفلي والمر والصبر والسموم القاتلة، فإن أردت ألا تنموا، فالتدبير فيما عقل العبد وفهمه، أن تحبس عنها الماء والسرقين والتراب الذي يلقى في اصله، حتى تيبس،