فإذا فطمت نفسك عن حرارة الهوى، ووقعت حرارة الفطام على قلبك، فذابت تلك الأخلاط عن قلبك، وطهر قلبك، وخرج صافياً كما خرج الذهب الذي أحمى، فتهافت عنه تلك الأوساخ والأدناس، لأن للهوى على القلب أوساخاً وأدناسا، كما كان للمعاصي على قلب نكت سود، على ما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إذا أذنب العبد نكت في قلبه نكتة سوداء، فإذا عاد نكت أخرى، فإذا تاب ونزع صقل قلبه، ثم تلا: (كلا، بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون). فإذا ذهبت المعصية بالتوبة ذهب سواده، وبقى دخانه، وذهب الشيطان، وبقى ظله، كما ذهب الليل وبقى سدفه وآثاره عند وجه الصبح؛ فإذا تاب عن المعصية