فإنها تركت هواها، ورفعت بالها عن نفسها، فإن خاطرت لم تبال، وإن أتعبت نفسها لم تمل، وإن اقتضاها راكبها السير والركض والوثب، استفرغت مجهودها في إعطاء كل ما يبتغى منها، من غير جمح ولا حزن ولا تلكؤ ولا شمس ولا كسل، ولا تركت أدبها، وقد كانت قبل ذلك هملاً في الرعي، تفعل ما هويت، فهي قريبة القيمة من أشكالها من الدواب، وإنما اختصها الملك وأطاب علفها، وصانها عن رؤية الناس، وجللها وعزلها عن الجهد والكد، بترك مراعيها وهواها ونشاطها، وأنسها بأشكالها، واحتمالها التعب في جنب مالكها، وإعطاء المجهود بالصدق من نفسها، ويقظة قلبها، ونظرها بقلبها إلى راكبها، ولو كانت إذا راضها لم تنقد لمولاها، ولم تأخذ سيرها، ولم تؤدب بأدبه، فإن سيرها أبطأت في السير وإن مال بعنانها امتنعت وشمست، وإن مدّها جمحت فمدّت به، وفي الموضع الذي كان يريد السير منها امتنعت