فإذا أصاب قلبك الغين استغفرت، كما قال رسو ل الله صلى الله عليه وسلم إنه ليغان على قلبي، فأستغفر الله في اليوم مائة مرة. وهذا الغين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس كما يجده من بعده فيما نعلمه، فليس نراه من طريق التخليط، ولا من طريق العيب، فقد كان قلبه أطهر، وشأن أمره أعظم، وأجل من أن يظن به.
ولهذا الباب تفسير واضح من هذا، نبينه في آخر الكتاب إن شاء الله تعالى، في صفة القلب وخلقته وشرح اليقين ما هو.
أردنا أن نستتم ذكر النفس ورياضتها عدنا إلى ذكر رياضة النفس. ألا ترى أن البازي كيف كان نفاره من الآدميين في الجبال الشامخات، فلما ربّ وأمسك على التربية، أنس بصاحبه، وأخذت التربية بقلبه، واعتاد الكون معه، فنزع عن النفار، وترك همّ الطيران، واطمأن إلى صاحبه، حتى إذا أرسله وحثه على الطيران طار، فأصاد وأمسك عليه صيده، تحرياً لموافقة مولاه، ثم إن دعاه ممن الطيران رجع، وآثر هواه على هوى موافقة نفسه، فأجابه منقضاً إلى حبله وسباقه؛