وإنما تضطربين لأنك أردت أن يكون رزقك في وقت، وأراد بك في وقت آخر، واشتهيت أن يكون على صفة، وأراد ربك غير ذلك، وأردت من وجهه راحة، وأراد ربك من وجه تتعبين فيه، وأردت كثيراً، وأراد ربك أقل من ذلك، فأصبحت وأمسيت مخالفة لربك في مشيئاته وإرادته، فحملك ذلك على الشهوة، حتى غلبتك، فرمتك في أودية المهالك، فأقبلت بهلعك وجزعك على حطام الدنيا، من سبيل الخبائث والأقذار والشبهات والأوساخ، لسكون نفسك به، ثم منعت حقوق الله فيه من ظاهر الأحكام، فقطعت الأرحام، وباغضت العباد، واستخفت بحقوق المسلمين والمؤمنين، وهربت من إنصافهم، وجفوت أهل الحرمة، فأصبحت وأمسيت ظلوماً غشوماً، ووعيد الله ينادي في سمعك قوله تعالى: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً، وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها، وكفى بنا حاسبين).