وليعلم أن مهمته شاقة؛ فليستعد لها بالاستعانة بالله, وليداو كلوم النفوس بالهدوء, وسعة الصدر, ولين الجانب, ومقابلة الإساءة بالإحسان؛ فإن تلك الصفات رقية النفوس الشرسة, وبلسم الجراح الغائرة.
وليستحضر أنه ما وقف أمام الناس ليخاصمهم؛ فيخصمهم, ولكن ليداي فسادهم, ويرد شاردهم؛ فليحرص على أن يؤلف القلوب والنفوس بتلك الصفات.
قال الله- تعالى- في وصف نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم-: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: آية 159] .
وقال الله- عز وجل- له: {خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: آية 199] .
وهكذا كان- عليه الصلاة والسلام- فكان يعرض دعوته في لين من القول, وكان يأخذ بالحلم, والصبر, ويقابل الجاهل بالإعراض, والمسيء بالعفو أو الإحسان.
وإن أذى كثيرا كان يلحقه من مشركي قريش وسفهائهم؛ فيلقاه بالصبر؛ ولا ينال من عزمه واسترساله في الدعوة ولو شيئا قليلا.
وكم من كلمة يرميه بها بعض المنافقين, أو بعض الجفاة من الأعراب, فيكون جزاؤها الصفح, أو التبسم, أو الإنعام.1
فإذا كان الواعظ على هذا النحو من المكارم أثمر وعظه, وحاز من العلياء كل مكان.
كن عمر بن عبد العزيز – رحمه الله يتمثل بهذه الأبيات: