واذا دخلت فِي شَيْء من الْخَيْر فَانْظُر مِمَّن كَانَ بدؤه وعَلى من إِتْمَامه وانه لَو قيل لَك من احب اليك ان تعْمل لَهُ لَقلت الله فليحقق ضمير قَلْبك مَا عبر واقر بِهِ لسَانك
وَاعْلَم يَا اخي ان اهل الدُّنْيَا وَالْآخِرَة بَين سرُور وهموم
فَأهل سرُور الْآخِرَة اهل الْجنَّة وَإِن افضل سرورهم النّظر إِلَى الله وَأَن افضل سرُور الْمُؤمن فِي الدُّنْيَا سروره بربه وَبِأَنَّهُ عَبده وتصديق ذَلِك انه بمراقبته ومناجاته وَبِكُل مَا يعْمل لَهُ وعلامة انسه بِعَمَلِهِ وجود حلاوة الْعَمَل لَهُ وَشدَّة الْحبّ لخدمته
ومحال ان يسْتَأْنس الْعَامِل بِعَمَلِهِ وَهُوَ غير مستأنس بِمن يعْمل لَهُ اَوْ غير خَائِف مِنْهُ
وَاعْلَم يَا أخي لَو ان الَّذِي تطلب وتعالجه من نَفسك من الطَّاعَة والاستقامة لله كنت تعالجه من جَمِيع انفس ولد آدم لَكَانَ فِي الله قَلِيلا فَكيف وَهِي نفيسة وَاحِدَة فِي ايام قَليلَة
فَالْزَمْ يَا أخي الْمُحَافظَة والمداومة على التعاهد فِي المراقبة فَلَو كَانَت الدُّنْيَا كلهَا لَك فبذلتها ونفسك مَعهَا شكرا لما انْعمْ عَلَيْك من معرفَة وانه رَبك وانت عَبده وانه هُوَ امرك بعبوديته ونهاك عَن عبودية غَيره لَكَانَ ذَلِك كُله قَلِيلا حَقِيرًا فِي جنب نعْمَته عَلَيْك فِي ذَلِك فَلَا تضيعها بشغل مَا لَا حَاجَة لَك فِيهِ فَإِنَّهُ لَا غنى بك عَن معرفَة إحسانه إِلَيْك كَمَا لَا غنى بك عَن اساءة فَإِن العَبْد بَين ذَنْب ونعمه وَبَين شكر واستغفار وَالْحَمْد لله على مَا أنعم علينا وَعلمنَا وَكَانَ فضل الله علينا عَظِيما