وَغير ذَلِك هُوَ المُرَاد بِهِ تبَارك وَتَعَالَى وان افضل النَّاس اقربهم من الله واقربهم مِنْهُ اعلمهم بِهِ
وَقد بلغنَا ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يتفاضل النَّاس بالمعرفة
وَقَالَ ابْن مَسْعُود ذهب عمر بِتِسْعَة اعشار الْعلم وانما يَعْنِي بذلك الْعلم بِاللَّه
وَاعْلَم يَا أخي أَن النَّاس انما يخلصون فِي اعمالهم على قدر معرفتهم بِهِ ويتواضعون لله على قدر معرفتهم بِهِ ويشكرون الله على نعمه على قدر معرفتهم بِهِ ويرجون الله وَيَخَافُونَ على قدر معرفتهم بِهِ ويحسنون الظَّن على قدر معرفتهم بِهِ ويصبرون على طَاعَته وَعَن مَعْصِيَته وعَلى كتمان طَاعَته وعَلى المصائب الَّتِي تنزل بهَا احكامه على قدر معرفتهم بِهِ وَيُحِبُّونَ مَا احب ويبغضون مَا ابغض على قدر معرفتهم بِهِ
فَمن فَاتَتْهُ الْمعرفَة بِاللَّه دخله النَّقْص فِي جَمِيع مَا ذكرنَا على حسب مَا فَاتَهُ من الْمعرفَة وعَلى حسب مَا رزق مِنْهَا فَكَذَلِك حَظه من الْخَيْر وَالشَّر
فالتمسها يَا اخي من مليكها التمَاس من لَا يستأهل ان يعطاها فَإِن الْعلمَاء قد صَارُوا إِلَيْهِ من الْعلم على قدر مَا احسنوا من الطّلب وَوضع الْأَشْيَاء موَاضعهَا
فَإِذا اصبحت واردت شَيْئا من الْخَيْر فَانْظُر كَيفَ شكرك على مَا انْعمْ بِهِ عَلَيْك رَبك فِي ليلتك وَكَيف توبتك مِمَّا يُتَاب مِنْهُ فقد قَالَ تبَارك وَتَعَالَى {لَئِن شكرتم لأزيدنكم} وَقَالَ {وتوبوا إِلَى الله جَمِيعًا أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تفلحون}