كان يُدلُ به مفقوداً، وجلده الذي كان يدعيه باطلاً؛ وما أكثر من يتكلّم - على السلامة من النفس والمال، وطيب القلب، ورخاء البال، وعند مواتاة الأمور، وطاعة الرجال، ومُساعدة المراد - بالحكمة البالغة، والموعظة الحسنة، وبالنظر الدقيق، واللفظ الرقيق، حتى إذا التوت عليه حالٌ، وتعسّر دون مُراده أمر، وعرض في بعض مطالبه تعقُّد، سمعتَ له هناك زَخرةً ونخرةً، وضجرة، وكَفْرة، كأن لم يسمع بالحلم والتحلُّم، والصبر والتصبُّر؛ يخرج من فروته عارياً من الحلم والكظم، بادي السَّوأَة بالبذاء والجهل، كما يخرج الشَّعر من العجين، ولعلَّ ما نزل به وحلَّ عليه لم يرْزأَه زِبالاً ولا مسح عنه عِذاراً.
وهذا هو اللئيم الذي بلغك، والسّاقط الذي سمعت به والله تعالى يقول: (لاَ يُحِبُّ اللهَ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إلاَّ مَنْ ظُلِمْ) ؛ وروى أصحابنا عن ابن عباس أنه قال: إلا مَن لَم يُكْرَم، في ضِيافتِه، فإن كان هذا التأويل صحيحاً، وهذا الوجه معروفاً، فأنا ذلك المظلوم،