ولا بد لمن ظُلم من أن يتظلّم، وكيف يكون المظلوم إذا انتصر ظالماً، والله يقول: (وَلِمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوُلئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) ، ولو كان المظلوم إذا تظلّم ظالماً، لكان الظالم إذا ظلم معذوراً؛ وكما هجّن الله لوم المُحسن، فكذلك حسَّن توبيخ المُسيء، وكما أثاب على تزكية من كان طاهراً، كذلك آجرَ على جرْح من كان مَدخولاً؛ ألا ترى أن التقرّب إلى الله بِعداوة أبي جهل، وذمِّه ولعْنه وذِكر لؤمِه وخَسَاسته، كالتقرب إلى الله بولاية أبي بكر ومَدحِهِ والترحُّم