إن رُمت ذاك في عالم الكون والفساد، ودار الامتحان والتكليف، مع هذه الطبائع المختلفة، والعناصر المتمازجة، والأسباب القريبة، رُمت محالاً، ورائم المحال خابط، وطالب الممتنع خائب، ومُحاول ما لا يكون مَكْدود مُعَنّى، ومحدود مُعدّى، ومرجعه إلى النّدم، وغايته الأسف الذي يشجو النّفس، ويَمْرُس الفؤاد، ويُوجع القلب ويُضاعف الأسى، وربما أفضى إلى العطب.

قد ذكرنا - حاطك الله - جملة من القول رأينا تقديمها والاستظهار بها، قبل أخذنا فيما أنشأنا له هذا الكلام، قصداً لفلّ حدّ الطاعن، وحسماً لمادة الحاسد، وتعليماً للجاهل، وإرشاداً للمتحيِّر، واحتجاجاً على من يُدِلّ بحفظ اللسان، وكتمان السرّ، وطيّ القبيح، ومُسالمة الناس، واغتفار المنكر؛ وهو مع ذلك في قوله كالأسد في غيله، والنِّمر في أشِبِه، والثُّعبان في وِجاره، حتى إذا غُمِز غَمْزةً، أو وُخِز وَخْزَةً، رأيت معاقد حلمه مُتحللة، ودخائر صبره منتهية، وكظمه الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015