وشيء آخر لا بدّ من الإفاضة فيه على وجه الذكرى؛ إن لقاءك الناس بالبِشْر يأسرهم لك ويُرضيهم عنك؛ فتكلّف ذلك إن لم يكن التهلُّل سجية لك بالمزاج المستعدّ، وما أكثر ما يلحق المتخلّق بذي الخلق.

وبعد فبين عُبُوس وجهك وقد ظهرت للناس لتركب، وبين عبوسه، وقد رجعت إلى دارك لتنزل، فرقٌ، أعني أنك ربما عُذرت في العبوس في الثاني، لأن النهار قد نصف، ولأنك قد تجشّمت إلى ذلك الوقت مصاعب الدولة بالأمر والنّهي والقبض والبسط؛ ولست تُعذر في غُرّة نهارك وأنت جَامّ ومتوجه ومُقتضب للتدبير في الأمور.

وشيء آخر، قد يسبق إلى عينيك ازدراءُ من عليم مرقّعة، أو علته بذاذة، وقد اعتراه عيٌّ إما للهيبة أو لسوء العادة؛ فلا تُصدِّق العين فإنها تكذب أحياناً، وعمل على أنك تعتقده بفضلك، فإن كان من أهل الفضل فهو شقيقك بالطبيعة وإن كان من أهل النَّقص فهو مستحق منك الرّحمة. والإحسان إلى مثله شكرٌ منك لله على ما خصّك به من دونه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015