هذا ما حصل لي من ذلك الفصل.
ثم إني في سنة سبعين وجدتُ هذه الرسالة في مسوّدة ابن طَرخان فيما يُباع من ميراثه. فكان في أولها: " السعادة أيها الأستاذ الجليل ضربان، والسعيد رجلان، وإحدى السعادتين للدنيا، والثانية للآخرة؛ وأحد السعيدين من هو سعيد في هذا المكان، والثاني هو السعيد في مكان آخر؛ ومن كما فضيلة أحد السعيدين أن يعاش الناس بالمعروف، ومن تمتم إحدى السعادتين أن تتصل بالأُخرى.
ولما رأيتك أيها الأستاذ سعيداً في هذه العاجلة بالمال والولاية، والعزّ والمرتبة، آثرت أن تكون سعيداً في تلك الآجلة بالإحسان والمعروف، والبر والمكرمة، فكتبت حروفاً قصدت بها إذكارك لا تعليمك، لأنك تجلُّ عن التعليم؛ لما أوجب الله لك علينا من التعظيم. وإنما ساغ الإذكار، وحسن التّنبيه لأَشغال قد اكتنفتك من تهذيب الدولة، وأعباءٍ قد تحمّلتها في حماية البيضة، وأمور أنت وليّها في بثّ المَعْدِلة في الرعيّة، وإقامتها على سواء المحجّة، ولو سكتُّ عن هذا كله لأمكن، وكان لا يتشَعَّث لك حال قد تولّى الله صلاحها، ولا ينآد