الأدلة والمناقشة:
أوَّلًا: أدلة أصحاب القول الثّاني:

استدل من أجاز الجعل على الجهاد بعدة أدلة من السُّنَّة، والمعقول، وقد تقدمت أدلتهم في مبحث الأجرة على الجهاد؛ ذلك أنّه لما كان الجعل هنا بمعنى الأجرة، بل هو في الحقيقة أجرة كما نصّ عليه كثير من أهل العلم (?)، وكان حكمه حكم الأجرة، بل إنَّ ما استدلوا به على جواز الأجرة على الجهاد إنّما هي أدلة صريحة على الجعالة، كما في حديث عبد الله بن عمرو، وحديث جبير بن نفير، عن أبيه، وقد تقدّم بيان وجه الاستدلال من هذه الأحاديث، وذكر ما ورد عليها من مناقشات، بما يغني عن الإعادة (?).

وإن ممّا استدلوا به كذلك على جواز الجعل على الجهاد:

قالوا: إنَّ الحاجة داعية إلى أخذ الجعل على الجهاد، وفي المنع منه تعطيل للجهاد، ومنع له ممّن فيه للمسلمين نفع، وبهم إليه حاجة؛ فينبغي أن يجوز (?).

مناقشة الاستدلال:

يمكن مناقشة هذا الدّليل بما يأتي:

أنّه لا حاجة للمسلم في أخذ الجعل على جهاده في سبيل الله -عَزَّ وَجَلَّ- فإن الله تعالى قد وسع في مصادر النفقة للمجاهدين، كما سبق بيان ذلك، فإن تعطلت كلّ هذه المصادر، فتكون هذه حالة ضرورة، فلا حرج على المسلم حينئذ الأخذ، ولكن بنية النفقة، وتجهيز نفسه، وإعدادها للجهاد، لا بنية العوض، واستفضال المال، حتّى يكون جهاده خالصًا لوجه الله تعالى، وينال به الثّواب؛ لأنّ العمل إذا عمل للأجرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015