ولكن يبدو أنه أجاز له ما طلبه. فكتب إليه السلفي رسالة ثانية من الإسكندرية بعد عام من الرسالة الأولى وفيها طلبات محددة، وعاد الزمخشري يلوذ بالتواضع والاعتذار ثم يوضح في نهاية الرسالة شيئاً مما طلب السلفي توضيحه.

صورة من شخصية السلفي:

كان السلفي سمح الطبع متحملاً حليماً لا تبدو منه جفوة لأحد، فإذا جلس في مجلس الدرس أخذ نفسه بالشدة فلم يشرب الماء ولم يتورك ولم تبد له قدم. وكان على سهولة عشرته آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، أزال من جواره منكراً كثيراً وتاب على يديه عدد ممن يشربون الخمر.

وكان يقضي أكثر وقته في التدريس والعبادة والمطالعة. أقام خمساً وستين سنة في الإسكندرية لم يسافر خلالها إلا مرة واحدة، بل إنه لم يكن يخرج في الإسكندرية إلى متنزه أو متفرج. وما أبعد البون بين السلفي الذي قضى المرحلة الأولى من حياته دائب التنقل وبين السلفي الذي عاش ما عاش في الإسكندرية؟ في المرحلة الثانية؟ دون أن يرى منارة الإسكندرية إلا من طاقة بيته.

وكان شغوفاً بجمع الكتب، ينفق في ذلك أموالاً طائلة، وتجمعت لديه خزائن لم يتفرغ للنظر فيها، فعفنت وتلصقت بسبب الرطوبة فكانوا يخلصونها بالفأس حتى تلف أكثرها.

منزلته في العلم:

جمع السلفي بين علو الإسناد وعلو الانتقاد فهو من كبار المحدثين في عصره، وكان دقيقاً ضابطاً لما يحسن، يكتب خطاً سريعاً إلا أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015