وأدخلوهم القلعة بالحفاوة البالغة والإعزاز التام، فشغل أولئك المناحيس بتدبير عدّة القتال، فركّبوا المجانيق من داخل المدينة.
وحين وقعت ظلال المظلّة السلطانية على تلك الأطلال أمر في التوّ بأن يحيط الجند بتلك الخطّة كما يحيط قطر الدائرة بالنقطة، فزحفوا مع حملة السهام زحفا ارتعدت منه عظام دي وبهمن (?)، ولم يستطع أحد منهم أن يظهر وجهه لأحد من السّور خوفا من ذلك الزحف.
وفي اليوم التالي حين وصلت أسلحة الحصار ومعدّاته ووصل المشاة، أمر فأمسكوا المغازل بالليل وصنعوا السلالم وهيّأوا المنجنيق للعمل. فلم يكن لأولئك الملاعين من حيلة إلا إلقاء الحجارة، إذ لم يكن بوسعهم أن يتحركوا فوق السّور خشية أن يصابوا بالجراح من سنان السهام. ولما طالت مدّة [المقارعة] (?) أمر السلطان بإعداد سلالم عريضة يمكن لعشرة من المشاة أن يرتقوها دفعة واحدة، وأن يصعد شجعان الجند فوق السّور فيفصلون في أصل هذا النزاع بحكم الحسام القاطع.
فعدّوا امتثال الأمر لازما، وأعدوا السّلالم على نفس المنوال، وعيّنوا الجماعة التي تحمل السلالم تحت السّور، والطّائفة التي تصعده، والفوج الذي يرمي بالسّهام.
وفي اليوم التالي سار الجيش بأسلحته، أما عقاب مظلّة المتمكّن في الأرض فقد بسط أجنحته، وتحرّكت الرّاية المنصورة، وطلب السلطان أبطال الحشم،