وألقى بنفسه بين الفرنج، فبعث عدة أفراد منهم إلى سقر، وترك الباقون القرار وأخذوا طريق الفرار. ولم يلبث مغاوير الجند أن صعدوا إلى القلعة من كل ناحية مع سيوف من الحديد كأنها الريح التي تقطع صدر الجبل، ونصبوا علم السلطان على شرفات القلعة، ثم نزلوا من بعد ذلك إلى المدينة، وباندفاع كاسح كسروا الأقفال بضرب الرمح والعمود وفتحوا الباب.
ودخل باقي العساكر المدينة كالعقبان الكواسر. ولأن الفرنجة كانوا وقت الحصار قد أطالوا ألسنتهم بما لا يليق، أمر السلطان بالقتل العام ثلاثة أيام، وأن يبقى بساط أحمر مفروشا مدة طويلة (?) على بحر أخضر بدماء الكفّار، وأن تتهيأ للطّيور والأسماك/ وليمة لائقة من أشلاء أولئك الجفاة وجيفهم، ثم أمر بعد ذلك أن يجعلوا السيوف من الرقاب في القراب، وأن يخاطبوا أولئك المذعورين- وهم بقايا السيوف- بالسّبي والنّهب، فظلت أمواج النّهب وبحار الغارات في تلاطم وتصادم خمسة أيام أخرى، وفي اليوم السادس منح السلطان إمارة أنطالية لمبارز الدين أرتقش- وكان من خاصّة غلمان السلطان، وكان ملازما للركاب السلطاني في أيام الغربة، وقد حدثت هذه الحكاية والفتح في شعبان سنة ثلاث وستمائة.
ثم أمر بأن يدخل مع حشمه المدينة ويعطى الأمان. وأقام السلطان هناك مدّة حتى تم ترميم الثّغرات التي كانت قد حدثت في القلعة وقت المحاصرة، ثم نصب قاضيا وخطيبا وإماما ومؤذنا ومنبرا ومحرابا، وبعد الاحتياط التام لوى العنان