قال فأخذت بيد الغلام الذي كان يتعشّقه فوقفت بين يديه، فقال له: كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ فقال في ساعةٍ بديهةٍ:
أصبحت منك على شفا جرفٍ ... متعرّضاً لموارد التّلف
وأراك نحوي غير ما ثقةٍ ... متحرّفاً من غير منحرف
يا من أطال بصدّه أسفي ... كلفي عليك أشدّ من أسفي
وقال بعضهم: اجتزت بفورك المجنون وهو في جماعةٍ من الصّبيان راكبٌ قصبةً، وهو يقول: من كان عاشقاً منكم فيقف في الميمنة، ومن كان معشوقاً فليقف في الميسرة. ووقف هو في القلب، ففكّر وقال:
إلى من أشتكيك إلى من ... إلى كم ترى في قصّتي غير محسن
إلى كم يدوم الهجر والعتب بيننا ... سألتك بالرّحمن ألاّ رحمتني
فيا لائمي في أحمد لو رأيته ... لما لمتني في حبّه، وعذرتني
أتعجب أن قالوا بفورك جنّة ... بنفسي ومالي من هواه أجنني
ثمّ قال: احملوا على بركة الله. فحملت الميمنة على الميسرة، وأخذ كل عاشقٍ معشوقه.
قال ولقيته في يوم خميسٍ في جماعةٍ من الصّبيان، منصرفاً. من تشييع غلامٍ كان يحبّه، وهو يحدّثهم ويلطم خده ويقول: ما أحرّ الفراق؟ فقلت: يا أبا محمّد، من أين أقبلت؟ قال: من تشييع الحجّاج. وبكى، وقال: