هم رحلوا يوم الخميس عشيّةً ... فودّعتهم لمّا استقلّوا وودعوا
فلمّا تولوا ولّت النّفس معهم، ... فقلت: ارجعي قالت: إلى أين أرجع؟
إلى جسدٍ ما فيه لحمٌ ولا دم ... ولا فيه إلا أعظم تتقعقع
وكذّبت فيك الطّرف، والطّرف صادقٌ ... وأسمعت أذني فيك ما ليس أسمع
قال الحسن بن رفاعة: رأيت علويّة المجنون يوماً وفي عنقه حبلٌ والصّبيان يجرّونه، فلمّا رآني قال: يا أبا عليٍّ بماذا يعذّب الله أهل الجّرائم يوم القيامة؟ قلت: بأشدّ العذاب. قال: فأنا، والله، في أشدّ من عذابه. لو عذّب الله أهل جهنّم بالحبّ والهجر والرّقباء لكان أشدّ عليهم، ثمّ قال:
انظر إلى ما صنع الحبّ ... لم يبق لي جسمٌ ولا قلب
أنحل جسمي حبّ من لم يزل ... من شأنه الهجران والعتب
ما كان أغناني عن حبّ من ... من دونه الأستار والحجب
قال: وحضرته وقد أتوه بطبيبٍ يعالجه، والطّبيب يعاتبه ويقول له: لو تركتني لعالجتك ورجوت أن تبرأ، فقال في ذلك: