والعرب يزعمون أنّ أطيب الأفواه أفواه الظّباء؛ كما أنّ أبعارها أطيب رائحةً من سائر الأباعر. ويزعمون أنّ ليس في السّباع أطيب أفواهاً من الكلاب. وفي النّاس أطيب أفواهاً من الزّنج. ويزعمون أنّ علّة ذلك كثرة الرّيق، لأنّ علّة الخلوف، جفوف الرّيق، والبخر يحدثه الكبر وقد اعترى إشرافاً من النّاس.
قال: سارر أبو الأسود الدؤولي عبيد الله بن زياد، فلمّا أدنى فاه من أنف عبيد الله خمر أنفه عبيد الله فجذب أبو الأسود يده فنحّاها، وقال: إنّك والله لن تسود حتّى تصير لسرار الشّيخ البخر. فعجب النّاس من جلده ومراسه. والأفواه الموصوفة بالنّتن أفواه الأسود وأفواه الصّقور.
والشّعوبيّة وغيرهم ينهون عن السّواك. وقالوا: إنّما يعتري الخلوف من يستاك، والمره من يكتحل والشّعث من يدّهن. وزعموا السّواك يقلّل الأسنان ويأكل ما عليها من اللّحم، أعني اللثّة، ويذهب العمور التي بينها ويرخيها.
وقال حسين بن مطير:
بمرتجّة الأرداف هيفٌ خصورها ... عذابٌ ثناياها عجافٌ قيودها
يريد أنّها صلابٌ عجافٌ غير وارمةٍ ولا مسترخيةٍ والسّواك يوهنها ويزيلها عن أماكنها.