وزعموا أنّ السّواك يجلب ماء الوجه فيغني على الأيّام نضرة اللون وحمرة الوجنات، كما يصنع رضاع الطّفل في لبة المرأة وفي لون وجهها فإذا تحلب الماء المستكن في الغلاصم والأفواه أعقب ذلك في الأفواه جفوفاً، فإذا جفّت لعد الرّيق أدرثها خلوفاً.
فقال من ردّ على هؤلاء: قد علمنا أنّ من أعظم الأمم التي عليها مدار الأمور في العقل والعلم والرّضا قد اجتمعوا على السّواك والخضاب فلو كان السّواك يورث البخر لم تكن هاتان الأمّتان مع ما فيهما من بعد الغور وشدّة الغزل بالنّساء والتّقرّب إلى قلوبهنّ والاستهتار بهنّ ليجهل هذا القدر من العيب الفاحش. فمن أحبّ أن يعرف إفراط العرب في الغزل والصبابة بالنّساء فليقرأ أشعارهم وأحاديثهم الإسلاميّة، وليقرأ كتب الهند في الباه، ولو تتبّعت أشعارهم في استعمال النّساء للسّواك لطال به الكتاب.
وعن عمر بن دينار، قال: سمعت الحسن بن علي، عليهما السّلام يقول لذريح بن سنّة: حل لك أن فرّقت بين قيسٍ ولبنى! أما إنّي سمعت عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، يقول: ما أبالي مشيت إلى الرّجل بالسّيف أو فرّقت بينه وبين امرأته!.
قال الزّبير بن بكار: دخلت عزّة على أمّ البنين بنت عبد العزيز فقالت: أقسمت عليك بأيّ شيءٍ وعدت كثيراً حيث يقول:
قضى كلّ دينٍ فوفّى غريمه ... وعزّة ممطولٌ معنّى غريمها
قالت لها: وعدته فمطلته سنةً، فلمّا ألحّ في التّقاضي هجرته، فضمّني وإيّاه طريقٌ بعد حينٍ فاستحييت منه فقلت: حيّاك الله يا جمل، ولم أحيّه، فقال: