يصبر عن الآخر ساعةً واحدةً، وكان لهما مكانٌ يجتمعان فيه للحديث في كلّ ليلةٍ. ثمّ إنّ أبا صخرٍ زوّج صخراً لامرأةٍ من الأزد، وصخرٌ لذلك كارهٌ؛ فلمّا بلغ ليلى الخبر قطعته، فمرض مرضاً شديداً. فكان أهله يقولون سحرته ليلى، لما كانوا يرونه يصنع بنفسه. وكانت ليلى أشدّ وجداً به وحبّاً له. فأرسلت جاريتها إليه وقالت لها: اذهبي إلى مكاننا وانظري هل تري صخراً، فإذا رأيته قولي له:

تعساً لمن بغير ذنبٍ يصرم ... قد كنت، يا صخر، زماناً تزعم

إنّك مشغوفٌ بنا مقيمٌ ... حتّى بدا منك لنا المجمجم

قال: فأتته الجّارية فأبلغته قولها، ووجدته كالشّن البالي وجداً وحزناً، فقال: قولي لها:

فهمت الذي عبّرت، والله شاهدٌ ... لما كان عن رأيي ولا كان عن أمري

فإن كنت قد سمّيت صخراً فإنّني ... لأضعف عن حمل القليل من الهجر

ولست، وربّ البيت، أبغي سواكم ... حبيباً ولو عشنا إلى ملتقى الحشر.

فقالت له الجّارية: يا صخر، إن كنت كارهاً لتزويج أبيك لك فاجعل أمر إمرأتك بيدي لتعلم ليلى أنّك لغيرها خالٍ ولعهدها راعٍ، وإنّك مكرهاً. قال: قد فعلت. قالت: فهي طالقٌ منك ثلاثاً. وأخبرت ليلى، فأظهرت من ذلك جزعاً وتراحعاً إلى ما كانا عليه من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015