نادي قومه، فسلّمت فقال: وعليك السّلام، من أنت؟ قلت عمر بن ابي ربيعة المخزومي. قال: المعرف غير المنكر؛ فما الذي جاء بك؟ قلت: خاطباً. قال: أنت الكفء الذي لا يرغب عن حسبه، والرّجل الذي لا يردّ عن حاجته. قلت له: إنّي لم آتك عن نفسي، وإن كنت موضع الرّغبة، ولكن أتيتكم في ابن أخيكم العذري. وقال: والله إنّه لكفء الحسب، غير إنّ بناتي لا يقعن إلاّّ في هذا الحيّ من قريش. فعرف الجزع في نفسي وتبيّن له في وجهي، وقال: أنا أصنع لك شيئاً لا أصنعه لغيرك. قلت: ما هو؟ قال: أخبرها لأنّك أنت تختار لغيرك.

فأومأ إليّ صاحبي أن أمره أن يخبرها. فقلت: افعل. ثمّ مضى الشّيخ. وقد أتى وقال لي إنّها قالت: إنّ الأمر أمرك والرّأي للقرشي يختار لي ما رأى. فحمدت الله عزّ وجلّ وصلّيت على نبيّه، صلّى الله عليه وسلّم وقلت: قد زوّجت الجّارية بجعد بن مهجع وأصدقتها ألف دينارٍ، وهي هذه، وجعلت كرامتها الغلام والبعير والقبّة وكسوت الشّيخ المطرف فقبله، وسألته أن يبني بها من ليلته، فأجابني إلى ذلك. وضربت القبّة في وسط الحيّ وأهديت إليه ليلاً. وبتّ عند الشّيخ خير مبيتٍ.

فلمّا أصبحت غدوت فقمت بباب القبّة، فخرج إليّ، فقلت له: كيف كنت بعدي؟ وكيف هي؟ فقال: أبديت لي كثراً ممّ أخفت يوم رأيتها. فقلت: عليك أهلك، بارك الله فيهم. وانطلقت إلى أهلي وأنا أقول:

كفيت أخي العذريّ ما قد أصابه ... ومثلي لأثقال النّوائب أحمل

أما استحسنت منّي المكارم إنّها ... إذا عرضت إنّي أقول وأفعل

وحكى المدائني: أنّ رجلاً من بني عقيلٍ كان يسمّى صخراً، وكانت له ابنة عمٍّ تدعى ليلى، فكان بينهما حبٌّ مبرّحٌ ولم يكن أحدهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015