عن رأسه، فإذا غلامٌ كأنّما وجهه الشّمس حسناً، فقلت: سبحانك اللهمّ ما أعظم قدرتك، وأجلّ صنعك. قال: فكيف؟ قلت له: ممّا راعني من نورك وبهرني من جمالك. قال: وما الذي يروّعك من رهن ترابٍ ورزق دوابٍ ثمّ لا تدري أينعم بعد ذلك أم لا؟ قلت: بل يصنع الله بك خيراً إن شاء الله.

ثمّ أقبل على فرسه؛ فلمّا أقبل برقت له بارقة من الدّرع، فإذا ثديٌ كأنّه حقّ، فقلت: نشدتك الله امرأةً؟ قالت: أي والله امرأةٌ تكره العهر وتحبّ الغزل. فقلت: وأنا والله كذلك. فجلست والله تحدّثني ما أفقد من أنسها شيئاً حتّى مالت على الدّوحة سكرى، فاستحسنت، والله يا ابن ربيعةٍ، الغدر، وزيّن في عيني، ثمّ إنّ الله عصمني. فما لبثت أن انتبهت مرعوبةً، فلاثت عمامتها برأسها وأخذت رمحها وجالت في متن فرسها، فقلت: زوّديني منك زاداً. فأعطتني ثوباً من ثيابها، فشممت منه كالرّوض الممطور. ثمّ إنّي قلت: أين الموعد؟ فقالت: إنّ لي أخوةً شوساً وأباً غيوراً؛ والله لأن أسرّك أحبّ إليّ من أن أضرّك.

قال، ثمّ مضت فكان والله آخر العهد بها إلى يومي هذا. فهي التي بلغت بي هذا المبلغ، وأحلّتني هذا المحل. قلت له: والله يا أبا المسهر، والله ما كان يحسن بك الغدر إلاّّ بك. فإذا به قد اخضلّت لحيته بدموعه باكياً. فقلت: والله ما قلت هذا إلاّّ مازحاً. ودخلتني له رقّة. فلمّا انقضى الموسم شددت على ناقتي وشدّ وحملت غلاماً لي على بعيرٍ وحملت عليه قبه أدمٍ حمراء كانت لأبي ربيعة، وأخذت معي ألف دينارٍ ومطرفاً ثمّ خرجنا حتّى أتينا كلباً فسألناه عن الشّيخ فإذا هو في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015