وتحدّثا حتّى غلبهما النّوم، وهي مضطجعةٌ إلى جانب البساط وعمرو إلى الجانب الآخر. وأقبل الرّجل حتّى وجدهما على تلك الحال. فنظر في وجه عمرو، فانتبه فزعاً. فقال له: ويلك يا عمرو، وما ينجيني منك برٌ ولا بحرٌ! فقال: يا ابن عمّي، ما أنا والله على ريبةٍ، ولا يسألني الله عن أهلك عن قبيحٍ؛ ولكن نشأت أنا وهي وألفتها ونحن صبيان، ولست أستطيع عنها صبراً، وما بيننا أكثر من هذا الحديث الذي ترى. قال: أمّا أنا فلم أهرب إلى هذا البلد إلاّّ منك.

فانصرفنا راجعين وهي معهما حتّى قدما على وطنهما، فأقاما بعده بيسير.

حكى سنة بن عقال، عن الشّعبي قال: حدّثني رجلٌ من بني أسدٍ، قال: إنّي لذات يومٍ في الحيّ إذ أقبل فتىً نظيف الثّوب، حسن الوجه، حتّى وقف بي، فقال: يا فتىً، هل نزا بك حيٌّ من بني عذرة؟ قال، قلت: نعم، وتيك بيوتهم. قال: وهل أحسست لي بكرةً صفتها كذا وكذا؟ قال، قلت: لا. فنزل ثمّ قال: أأنت منشدها لي في أبات الحي؟ قال فخرجت وأنا أنشدها حتّى مررت بالبيوت وأنا أنشد. فقالت لي جاريةٌ: عند الأكمة. فأشرفت على الأكمة فلم أر شيئاً فأخبرته، فأخرج سفرةً معه ودعاني فأكلنا، ثمّ نام. وجعلت أراعيه حتّى ظنّ أنّي قد نمت. فأخرج من رحله فلبسها، ثمّ اشتمل على سيفه وخرج حتّى أتى الأكمة وأنا أتبعه من حيث لا يراني. فإذا بها قاعدةٌ كأنّها مهرةٌ عربيّةٌ. فسلّم عليها وسلّمت عليه ثمّ قال لها: يا بثينة قلت فيك كذا. ولقيت فيك كذا.

ولم يزل يحدّثها وينشدها، وتحدّثه حتّى إذا كان في السّحر وضع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015