منهم يقال له دهيم. فأبت ريّا إلاّ حبّ عمرو بن عود، وأبى إلاّ حبّها وقول الشّعر فيها، والوجد بها حتّى أتى اليمن فنزل في بني الحارث بن كعب فطلبها عمرو، فخفي عليه أمرها ولم يعلم لها خبراً ولا موضعاً. فمكث حيناً لما به، يبكي له من عرفه، لولهه وشدّة ما أصابه. فخرج به أهله إلى مكّة لعلّه يتعلّق بأستار الكعبة عسى أن يرحمه ربّه ويذهب ما في قلبه من حبّها.

فلمّا كان بمنىً نظر إليه فتىً من بني الحرث بن كعب فتعجّب ممّا به، وجلس يتحدّث معه، وسأله عن حاله فشكا إليه عمرو وجده بها، وأنشد ما قال فيها، فرقّ له الفتى ورحمه. وسأله عن صفتها وصفة زوجها. فوصفها له. فقال له الفتى: عندي خبر هذه المرأة وهذا الرّجل منذ سنسن قليلة فخرّ عمرو ساجداً ثمّ سأله عن حالها، فأخبره أنّها سالمةٌ وأنّها باكيةٌ حزينة لا يهينها شيءٌ من العيش. قال عمرو: فهل لك في صنيعةٍ عندي؟ فقال له الفتى: إذن افعل ما بدا لك. قال: تتخلّف عن أصحابك، وأتخلّف عن أصحابي حتّى لا يكون عند أحدٍ منهم علم. ثمّ أمضي معك متنكّراً حتّى تخفيني في موضعٍ؛ ثمّ تعلمها بمكاني. فقال الفتى: لك ذلك في عنقي.

فلمّا كان السّفر، تخلّف كلّ واحدٍ منهما عن أصحابه. فجهد أصحاب عمرو أن لا يتخلّف وأن يمضوا به فأبى عليهم فودّعوه ومضوا. ثمّ مضيا حتّى وصل به الفتى فأدخله مع أخته وامرأته في سترهما. ومضى إلى ريّا فأخبرها. فكانت تجيء إليه كلّ يومٍ فيشكوان ما كانا فيه من البلاء، ويتحدّثان. فاستراب زوجها غشيانها ذلك البيت. ولم تكن تغشاه ولا تعرف أهله، واستراب أيضاً تطبيب نفسها وأنّها ليست كما كانت.

وخرجت رفقةً له إلى حرّان فأخبرها أنّه خارجٌ معها. فخرج وأقام ليلتين مختفياً في موضع. وأقبل راجعاً في الليلة الثّالثة، وقد أمنّاه وظنّاً أنّه قد خرج، فأتى عمرو إلى ريّا فبسطت له بساطاً قدام البيت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015