فما لك منها، غير أنّك ناكحٌ ... بعينيك عينيها، فهل ذاك نافع؟

قال: فبينما نحن كذلك إذ ضرب الطّبل للرّحيل فانصرفت بكمدٍ قاتلٍ، وكربٍ داخلٍ، ونفسٍ هائمةٍ، وحسرةٍ دائمةٍ، فقلت في ذلك:

رسم الكرى بين الجفون مخيل ... عفا عليه بكا عليك طويل

يا ناظراً ما أقلعت لحظاته ... حتّى تشخص بيتهنّ قتيل

أحللت من قلبي هواه محلّةً ... ما حلّها المشروب والمأكول

بكمال صورتك التي في مثلها ... يتحيّر التّشبيه والتّمثيل

فوق القصيرة والطّويلة فوقها ... دون السّمين ودونها المهزول

قال: فوالله ما انتفعت بحجٍّ ولا لقيت أحداً ممّا كنت تأهّبت للقائه. ثمّ رجعنا منصرفين، فلمّا كنّا بذلك المنزل وقد تضاعف نوّاره، واعتمّ نبته، وتزايد حسنه، قلت لصاحبي: امض بنا إلى صاحبتنا. فلمّا مضينا وأشرفنا على الخيام ونحن دونها، سترني روضةً أريضةً مونقةً، عليها جمان الطّلّ، يغازلها كالأعين النّجل، وقد أشرقت بدموعها على قضب الزّبرجد، وهبت ريح الصّبا فصبت له الأغصان، وتمايلت تمايل النّشوان. فصعدنا ربوةً، ونزلنا وهدةً، فإذا هي بين خمسٍ لا تصلح أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015